رئيس التحرير
عصام كامل

لو أننى خطيب الجمعة اليوم


أتخيل أننى خطيب الجمعة اليوم، 25 يناير 2013، وأضع تلك الخطبة المُختصرة جداً، بين أيديكم، بعيداً عن المُقدمات التى يعرفها الجميع:


.....
أما بعد،

أُكلمكم اليوم من منبرى هذا، وأنا أرى مصر كلها، وليس أشخاصاً من هذا المُعسكر أو ذاك. أكلمكم بالحق ولا نفاق لأحد أو بدافع من أحد لأن الشيخ منا يتكلم لوجه الله وليس لمصلحة جماعة سواء إسلامية أو مدنية، لأننا جميعاً نحيا تحت مظلة الوطن الواحد نبتغى الأمن والطمأنينة فيه، وجميعنا لدينا نفس المصلحة، فى أن نحيا فى سلام، نُعمر الأرض ونتعلم ونُعلم، ليأتى جيلاً بعد جيل، مطوراً بلادنا للأفضل دوماً. وبالتالى فان الحديث لصالح فرد أو جماعة أو فصيل، لهو اعتداء على هذا الوطن، وبالتالى فتنة فيه بما يتعارض مع ما أمر به الله عز وجل!!

أيها الأحباب: فى ذكرى مولد سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام، لا يُمكننا أن ننسى ما كان عليه، صلى الله عليه سلم من خُلق وبُعد نظر. فهو الذى وحينما دخل مكة فاتحاً ومنتصراً، أمن من فيها، رُغم ما كان بينه وبينهم من الدماء التى سالت، وكان بإمكانه وهو من هو عليه الصلاة والسلام، أن يُهدد ويتوعد ويستبيح ويُقصي، ولكن لأنه الرسول المصطفى عليه الصلاة والسلام، والذى أُرسل رحمةً للعالمين، لم يفعل ولم يُصنف أو يصف الناس بالفلول ولا حتى الكفار، فضم لثورته من كان بمكة، دون أن يُشهر سيفه عليه الصلاة والسلام فى وجه أحد!!

فما بال هؤلاء ممن يقولون أنهم يمضون على نهجه عليه الصلاة والسلام، يقومون بعكس ما قام به، فيتاجرون بدين الله ويتوعدون كل من لا يؤمن بجماعتهم، وفى النهاية يقولون إنهم يمضون على شريعة المولى عز وجل وسنة نبيه الكريم عليه الصلاة والسلام؟! إن ما يفعلون إنما هو إفك وخداع وبُهتان ورغبة فى أن تحكُم القلة البلاد، بعيداً عن الحق وبمشورة منقوصة، لأنه لا مشورة على باطل!!

إننا اليوم نقف ضد الفساد والمُفسدين فى الأرض، كما أمرنا الله، لا نبتغى سلطة ولا جاهاً لأنفسنا ولكن لهذا الشعب وتلك الأمة المصرية، التى شرفها المولى، فذُكرها فى كل كُتبه السماوية المقدسة. وذكر الله الإنسان فى القرآن والناس على عمومهم، وليس فقط المسلمين، وتلك هى الحكمة الخالدة للإسلام، الذى ليس هو دين للبعض ولكن للعالمين. ولذا، فإن ذكرى ميلاد الرسول عليه الصلاة والسلام على سبيل المثال، ليست ذكرى وعيداً للمسلمين فقط، إلا إن كانوا يرون دينهم أصغر مما كان يُراد له!! فهو دين دعوي، وليس دين قاصر على المؤمنين به فقط!! إنه دين يمثله كل واحد منكم بسلوكه القويم، وليس ديناً تمثله جماعةـ فلا يخدعنكم رجال نسوا الله فأنساهم أنفسهم، فهم بما يقومون به من خداع وكذب فاضح، لا يُمثلون الدين من الأساس!!

إن حق التظاهر مكفول فى الإسلام دون تخريب للحرث والنسل، واليوم نقف جميعاً من أجل عودة مصر للكافة فيها، دون سطو فصيل واحد عليها أو على فصيل غيره. إننا نقف اليوم لا ضد جيش أو شرطة أو قضاء أو أزهر، بل ولم يكن الهدف بداية أن نقف ضد أحد من الأساس، ولكن نقف مع مصر والحق لأهلها جميعاً كى يستعيدوها ولكى يتشارك الجميع فى أن يكون لديه حق فى بلاده، وحينما رفض المعتدِ، نقف ضده بالفعل كما هو الحال اليوم!!

ولسنا اليوم نقف ملونين المبادئ وسماعين أو مرددين لأنصاف الحلول. بل نقف مُبتغين تحقيق المبدأ كله، دون مساومات، حيث ولى زمن المساومات وانتهى بعد أن تم تضييع الفرصة تلو الفرصة، والعقاب لمن عصى إرادة الشعب، لأن إرادة الشعب من إرادة الله!!

علينا بالتأكيد على أن تُحكم مصر من رجلٍ واحد يُمثل نفسه، ويكون تحت مُراقبتنا فى إطار الفصل بين السلطات الثلاث (تنفيذية – تشريعية – قضائية)، فى دولة مؤسسات يحكمها القانون، وليس جماعة تُسيرُ الأمور وفقاً لمشيئتها أو مشيئة بلاد بعيدة، على أن يكون دستور الدولة للجميع وبموافقة الجميع، وأن نكشف عن قتلة الثوار جميعاً دون إبطاء أو تسويف!!

نريد أن ننتهى من تلك القضايا، حتى نُكمل مشوار هذا الوطن صعوداً إلى العلياء، إلى حيث نستطيع أن نبنى ونُعمر ونُحاكم من أجرم بحقه، .. وأن نستعيد المبادرة من أجل مصر، ونتعلم فى دُنيا الله، يحكمنا الحق والعدل والحرية التى تعمل فى إطار القانون الذى يحميها ويُحصن المواطن من الاعتداء عليه بأى صورة من الصور، بحيث يسود مبدأ المواطنة، بين جميع المصريين دون تمييز بينهم على أى أساس، فى ظل الوسطية والاعتدال التى عُرف بهما المصرى ومصر على مر تاريخه!!
وأستغفر الله لى ولكم،
.....
وتبقى مصر أولاً دولة مدنية

 

الجريدة الرسمية