المسيح.. وأنا
هالني كم الرسائل الطائفية التي وصلتني ردا على تحيزي الواضح للمسيحيين على حساب المسلمين في مقالاتي، وبداية أوضح أنني أنحاز فقط للحق وللإنسان وللإنسانية بغض النظر عن الدين والجنس.
بداية مفهومي للدين يعتمد على العلاقة مع الله وليس فقط طقوس للعبادة، وبدلا من اتباع ما هو محلل وما هو محرم فإنها تركز على بناء علاقة حقيقية مع الله ولي مطلق الحرية أن أعبد الله بالطريقة الأقرب إلى قلبي.
فالمسيحية يا سادة ليست تهمة أهرب منها، ولكنها شرف أتمنى أن أدعيه لأنها شريعة حب وتسامح وخير، والرجاء في الخير أصل من أصول الديانة والأمل في الصلاح مادة من مواد الحياة الإنسانية في طلب الكمال والخلاص من العيوب ويشتد هذا الأمل حين تشتد الحاجة إليه.
ومن أعظم ما قرأت في رسالة بطرس الرسول: إن عيرتم باسم المسيح فطوبى لكم أن أحدكم لا يتألم لأنه قاتل أو سارق أو فاعل شر أو صاحب فضول، فإن تألم لأنه مسيحي فلا يخجل.
فالسيد المسيح له المجد خلق على فطرة تختلف عمن سبقوه من أصحاب الرسالات الكبرى الذين مارسوا رياضة روحية خاصة هذه الرياضة جعلتهم عرضة للقلق وللبحث في ضمائرهم ليعرفوا مدى قربهم من الله، فهؤلاء الأنبياء عندما يلمحون طريق الحق يرون النور الذي هو هدى من الله، فما بالنا والسيد المسيح هو روح الله ونور الله بل وكلمة الله نفسه.
ومن هنا يجب علينا نحن بنوا الإنسان أن نروض أرواحنا لنعرف طريق الله بالحب والتسامح وليس بالكراهية وإهدار الدماء.
أما أنتم يا من تدعون التدين أقولها لكم علانية إن دينكم أخرجكم من دائرة الإنسانية فإن كان دينكم ودين آبائكم يحرض على العنف والكراهية فدين الله يدعو للحب وللتسامح.
لقد اختصرتم الدين في الجهاد الذي اختصرتموه في النكاح وتحت يدي قصص عن جهادكم المزعوم يشيب لها الأطفال تدعون للجهاد وأنتم أبعد ما يكون عن الجهاد، فالجهاد الحق هو تجرد النفس من طبيعتها في مواجهة المخاوف، فالمسيح له المجد أمر أتباعه على المخاطرة في سبيل الحق والهداية فالخطر على الروح أولى بالاتقاء من الخطر على الجسد.
فالمسيحية ليست تهمة أهرب منها بل هى شرف لأنها اتباع لكلمة الله.. قفوا حدادا على إنسانيتكم وعلى قلوبكم التي تغض بالكراهية إبكوا على ابتسامة قتلتموها على وجوه أطفالكم باسم الدين أحاول أن أنير عقولكم التي أغلقتوها على مفاهيم محمد بن عبدالوهاب البالية تحت زعم الدين.
فالدين يا من تدعون التدين هو رسالة من الله للضمير الإنساني بالحب والتسامح، ولكن أين أنتم من الإنسانية ليكون لكم ضمائر تشعركم بأوجاع البشر؟
أنتم لا تعلمون من أنا ولا تعلمون الظروف التي مررت أو أمر بها أدعو الله أن يحفظكم جميعا من ألم الروح الذي لا يعلم شدته غير الله وأنا أتألم وحيدا، وأقولها بالعامية "يارب ما تكتبها على حد" ويجنبها الله الكثر من أعدائي قبل أصدقائي الذين أفخر بهم.
فالمسيحية عقيدة ودين قوامها أن الإنسان خاسر إذا ملك العالم كله وخسر نفسه وأن ملكوت السماء في الضمير وللمرة الثانية أكرر أين إنسانيتكم التي فطركم الله عليها؟
فالسيد المسيح صاحب دعوة إنسانية عالمية تنادي من يستمع إليها وهو صاحب أدب إنساني رفيع، صاحب رسالة قلب كبير يجذب إليه شعور الضحايا والمظلومين.
في النهاية لا أجد غير كلام السيد المسيح ردا عليكم "أحبوا أعدائكم واغفروا لمن يسىء إليكم".. هذا هو ديني "الحب والتسامح".