خبير دولي: الربيع العربي فاقم تدهور حقوق الإنسان بالسعودية.. النشطاء من سيئ لأسوأ.. السعوديات يسقن السيارات قريبا.. الحرية الإعلامية بالمملكة تجسدها المواقع الاجتماعية.. أزمة في صلاحيات الشرطة الدينية
قال تقرير حقوقي جديد إن أوضاع حقوق الإنسان في السعودية تسير من سيئ إلى أسوأ، وأكثر المتضررين هم النشطاء الحقوقيون.
سيفاك كشيشيان الباحث في منظمة العفو الدولية يتحدث لـ"دوتش فيل عربية" عن التطورات الأخيرة في هذا المجال، قائلا: "حقوق الإنسان في السعودية، موضوع قديم جديد يطفو إلى السطح مجددا بعدما تناوله تقرير لمنظمة أمنستي الدولية".
أضاف: "التقرير الذي انتقد بشدة مجددًا وضعية حقوق الإنسان في السعودية، أشار إلى أن سلطات هذا البلد لم تف بالوعود التي قطعتها في عام 2009 بخصوص عدد من القضايا".
سيفاك كشيشيان الباحث اللبناني في منظمة العفو الدولية اعتبر خلال الحوار أن السبب الأبرز في تدهور أوضاع حقوق الإنسان في السعودية إلى أكثر مما كانت عليه سابقا هو تخوف السلطات من وصول آثار الربيع العربي إلى أراضيها.
لكن الخبير الدولي يعتبر في نفس الوقت أن هناك انفراجة طفيفة على مستوى بعض القضايا الأخرى مثل حقوق المرأة والتي ستؤدي في القريب العاجل حسب اعتقاده إلى السماح للمرأة أخيرا بقيادة السيارة في شوارع المملكة.. فإلى نص الحوار مع سيفاك كشيشيان:
* لماذا اخترتم هذا التوقيت بالذات لنشر تقريركم، هل بسبب المراجعة الدورية لأوضاع حقوق الإنسان في السعودية أم لأسباب أخرى؟
طبعا السبب الرئيسي هو المراجعة الدورية، قدمنا التقرير منذ فترة، لأنه كان هناك تاريخ محدد لتقديمه وبعدها حولناه إلى تقرير خارجي، ونشر التقرير قبل ثلاثة أشهر وبالأمس أصدرنا بيانا حوله وذكرنا بالانتهاكات والتوصيات، وكلما ورد في التقرير على شكل خلاصة، إذن فالمراجعة الدورية هي السبب الرئيسي، لكن هناك أسباب أخرى وهي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في السعودية والتي هي في النهاية المحرك الأساسي لهذا التقرير ولجهودنا المبذولة في هذا المجال.
* ولكن موضوع حقوق الإنسان في السعودية ليس بموضوع جديد..
صحيح ولكن منذ مدة وتحديدا منذ أواخر شهر ديسمبر 2012 إلى اليوم لاحظنا ارتفاعا في عدد من الانتهاكات في الآونة الأخيرة خاصة في حق النشطاء المدافعين عن حقوق الإنسان، وتابعنا الأحكام والمتابعات بالسجن التي صدرت في حق الكثير منهم، إذن فهذه الفترة تحديدا عرفت عددا كبير من الأحكام بالسجن ضد هؤلاء.
*ورد في التقرير أن السعودية تقاعست عن تنفيذ أي من التوصيات من أجل تحسين أوضاع حقوق الإنسان على أراضيها، ما هي أهم التوصيات التي لم تلتزم بها؟
هناك الكثير من التوصيات التي لم يلتزموا بها، في عام 2009 قبلوا بعدد كبير من التوصيات وتعهدوا بأن يلتزموا بها ومنها الالتزام بالاتفاقيات الدولية الأساسية في مجال حقوق الإنسان مثل العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وبشكل خاص حق التعبير وحق الرأي وغيرها، التزمت السعودية على الأقل بأن تدرس آليات الانضمام لهذه الاتفاقيات وخلال المراجعة الدورية قالوا نفس الشيء، أي أنهم سيقومون بدراسة سبل الانضمام إليها، وبالأحرى لم يقوموا في الواقع بأي شيء يذكر بهذا الخصوص.
أيضا كان هناك حديث حول حقوق المرأة التي هي ربما المجال الوحيد في السعودية الذي لاحظنا فيه نوعا من التطور ولكنه ليس كافيا أبدا فمثلا العمل بنظام الكفالة مازال قائما وهو المشكلة الأساسية في موضوع انتهاك حقوق المرأة.
إذن مشكلة النظام القضائي والقوانين في السعودية والسلطات التنفيذية التي تطبق ما يحلو لها دون رقيب، هي العناصر التي تتمحور حولها التوصيات والتي لم تنفذها السعودية حتى الآن.
* وما هو وضع النشطاء الحقوقيين السعوديين حاليا؟.. هناك حديث عن اعتقالات ومتابعات جديدة.
هو من سيئ إلى أسوأ، للأسف هكذا فقط يمكنني وصفه، كل الذين يدافعون عن حقوق الإنسان في المملكة، وحتى المحامون الذين يدافعون عن هؤلاء النشطاء هم الآن قيد التحقيق وتحت المراقبة ومنهم من يحاكم حتى. لسوء الحظ الرسالة الأساسية التي تقدمها السعودية في مجال حقوق الإنسان هي أن كل الذين يريدون الحديث عن حقوق الإنسان يحق لهم ذلك فقط في مجال محصور جدا وإذا تجاوزوا المجال المسموح فسوف يدفعون الثمن غاليا، وهذا ما يقع بالفعل في السعودية.
* كما ذكرت، فهناك تصعيد في قمع هؤلاء النشطاء في الآونة الأخيرة تحديدا، ما السبب في ذلك؟
من الصعب جدا تحديد الأسباب الحقيقية وراء ذلك، في بعض الأحيان هناك أسباب شخصية ربما من طرف القاضي مثلا أو وزير أو شخص نافذ قرر أن يودع شخصا السجن، وبالتالي لا يمكن القول أن هناك سبب رئيسيا يربط بين كل هذه المتابعات والتجاوزات، ولكن إذا ما كان هناك سبب أولي فهو باعتقادي الانتفاضات التي شهدتها بعض الدول العربية، وكل الأمور التي تغيرت ومازالت تتغير في هذه الدول، فالسلطات السعودية لديها ربما تخوف أن تصل المطالبة الحرية والحقوق الأساسية التي شهدتها هذه الدول إلى أراضيها أيضا، فالحديث عن مثل هذه الحريات لم يعد يثير الخوف في نفوس الناس وأصبح منتشرا وبالتالي تعمد السلطات السعودية إلى سجن كل من يحاول نشر مثل هذه الأفكار أو يمثل هذه الحركات الحقوقية أو الفكرية إن صح التعبير.
* يعني السعودية تدعم المعارضات ومطالب الشعوب في بعض دول أخرى فيما تقمع حقوق مواطنيها؟
نعم بالضبط، كلما تقوم به السعودية من دعم لبعض الجهات في دول أخرى وادعائها أنها تساندها كما يحدث في سوريا مثلا أكيد لا تريده على أراضيها.
* وكيف تصف بشكل عام حرية الإعلام في البلد حاليا؟
من الصعب أن نقول أن هناك حرية أصلا، ربما الحرية الإعلامية الوحيدة التي يمكن الحديث عنها موجودة على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي أيضا تحاول السلطات التضييق عليها، فقد بعثوا برسائل لبعض الشركات مثل Viber وwhatsApp يطالبونها إما بأن تتيح لها الإطلاع على محتوى الرسائل المبعوثة من خلالها ومراقبتها، أو بأن يتم منعها نهائيا في السعودية، بخلاصة هم يجربون بكل الوسائل المتاحة لهم أن يخنقوا الحرية الإعلامية، وللأسف ليس هناك أي إعلام حر في البلد، لأن المؤسسات الإعلامية هناك إما مملوكة من طرف السلطات أو تابعة لها.
* في المناطق ذات الأغلبية الشيعية، هناك مظاهرات شبه يومية، ما معلوماتكم عن الأوضاع هناك؟
الأوضاع هناك صعبة وسيئة، هناك تقارير ومعلومات عن تعذيب وسوء معاملة بل وحتى قتل نشطاء شيعة، وهناك أيضا التضييق على ممارسة الطقوس والشعائر الدينية الشيعية، الانتهاكات كثيرة بهذا الخصوص والسلطات السعودية صارت في الآونة الأخير تغطي على ذلك بالقول إنها تعتقل أشخاصا يشتغلون لصالح إيران، ولا يوجد أي دليل على ذلك وحتى إن كان صحيحا حقا فلن يكونوا بالمئات، لذا فهؤلاء في الواقع مواطنون سعوديون شيعة، هناك شخصيات ورموز شيعية في السجن حاليا ولا علاقة لهم بإيران بتاتا.
* الشرطة الدينية مازالت تثير الكثير من الجدل في السعودية، كيف هي نظرتكم لها؟ وهل طالبتم بإلغاء هذا الجهاز؟
من حيث المبدأ لا مشكلة في هذا الجهاز، ولكن طريقة عمله وممارسته لصلاحياته فيها مشاكل كبيرة، هذه السلطة تفسر القوانين على طريقتها، والقوانين في السعودية أصلا ليست واضحة، وهذا الجهاز ينتهك الكثير من الحقوق الأساسية للسعوديين، وتذمر المواطنين من هذا الجهاز أدى في بعض الأحيان إلى اعتراف السلطات بوجود انتهاكات لكن لا شيء يتغير في النهاية.
* ننتقل الآن إلى موضوع لم يتطرق إليه تقريركم بشكل مباشر وهو قيادة النساء، ظهرت مؤخرا أشرطة لناشطات سعوديات يقمن فيها بقيادة سيارات وسط تجاوب وتشجيع الشارع السعودي، هل تعتقد أن ذلك سيكون بداية التغيير؟
بصراحة لا أعرف، ما أعرفه هو أن ما يحدث في الواقع هو عكس ما تدعيه السلطات السعودية، هي تدعي أن مشكلة قيادة النساء للسيارة مشكلة كبيرة ولن يتقبلها المجتمع المحافظ وستخلق مشاكل، وذلك مخالف تماما للواقع والمجتمع يتقبلها بشكل عادي جدا، إنها مشكلة بسيطة برأيي وحصول المرأة على هذا الحق سوف يأتي قريبا، ولكن من الصعب تحديد موعد دقيق لذلك، لأن هذا الموضوع تستخدمه السعودية كلعبة لكسب أمور أخرى، في القريب ستقوم بهذا التنازل ولكن في توقيت يجعلها تكسب مقابله مصالح معينة.