هدية عود الثقاب
منذ سنتين من التحولات فى العالم العربى، نرى فى كل يوم تعقيدات جديدة، تأتى بمقلقات فريدة. أليس من حق المواطن العربى أن يسأل: من أين جاء كل هذا التطرف؟ وكيف تجذر وتفرع، وصار مصب اهتمامات "المجتمع الدولى"؟
سأتخذ تونس نموذجا حتى لا نضيع فى مساحات الأقاليم والمناطق التى تضم عددا من البلدان. حدث الزلزال وهرب الزين، اليوم، وبعد عامين، أمست الخضراء لا تحسد على حال، فقد ذوت الآمال.“الترويكا” مشلولة لعدم التوافق بين الشركاء فى قمرة القيادة. الرئيس غير راض عن أداء الحكومة والمجلس.والحكومة أولوياتها لا علاقة لها بالتنمية، لكونها تريد الأمساك بكل خيوط السلطة والقدرة والقوة، أولا والخزينة يد فارغة والأخرى لا شىء فيها، والشعب محبط ساخط، تتكاثر على جلده دمامل التطرف العنيف، وقد تتحول إلى وباء.والدليل واضح، فتلك البؤر صارت تصدر إلى الخارج أصنافا من المتطرفين المقاتلين .
الآن يتحدث أهل الرأى والخبرة عن خشيتهم على البلد من الانهيار، فهل يكفى القول: إن النظام السابق وسقوطه خلفا قرابة مليون عاطل، والعاطل الغاضب يسهل اصطياده وتحويله إلى عنصر تخريب فى الاتجاه الذى يرسم له؟ مصادر تدفق السلاح بعضها معروف وبعضها الآخر مجهول، وتبقى الأهداف المجهول الكبير .
المأساة المهزلة هى أن "المجتمع الدولى" يُفتى (أو يَفترى) بأن هؤلاء أعضاء فى “القاعدة” و”جهاديون”، ويريد بهذا جعلهم محسوبين على الإسلام، وكأن تلك الجهات والفئات تعمل بتعاليم الدين الحنيف. وهم يتحركون فى كل الاتجاهات، بأسلحتهم، بينما القوى العالمية تفخر بأنها ترى النملة وما دونها من عنان السماء بفضل أقمارها الاصطناعية، إضافة إلى عيونها الصقرية على الأرض. يبدو أن المعنيين مسلحون أيضا بطاقيات الإخفاء .
حسنا، فلنصدق كل ما لا يُصدق، لكن، من أين يأتى القوم بالمال الضرورى لمعيشتهم وتنقلاتهم، فضلا عن مكافآت الأعمال التى يقومون بها ولا خدمة فيها لا لبلدانهم ولا للعرب ولا للإسلام؟
لزوم ما يلزم: يجب زيادة جرعة السذاجة حتى نتأقلم مع هذه التطورات، ونهدى عيدان الثقاب إلى من يصب علينا البنزين .
نقلا عن الخليج الإماراتية.