رئيس التحرير
عصام كامل

سنوات الفرص الضائعة


منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير، التي سقط فيها مئات الشباب الذين استشهدوا في سبيل وطنهم على يد نظام الرئيس الأسبق مبارك، كانت هناك فرص كثيرة أمام المصريين لبناء مصر التي يحلم بها الجميع، رأوا مصر في أحلامهم بلا بطالة وبلا فقر وبلا مرض، كانت هذه الأحلام تراودهم وتأتي إليهم كل ليلة، كانوا يبيتون فيها بميدان التحرير وكانوا ينادون بتحرير مصر من الظلم والفساد الذي استشري في كل ربوعها من إسكندرية إلى أسوان، إلا أن هذه الأحلام تكسرت على عتبة الفترة الانتقالية التي تولي فيها المشير طنطاوي إدارة البلاد بسبب اندلاع العديد من المجازر منها أحداث العباسية والتي سقط فيها أيضا العشرات من الشباب على الرغم من أن الجميع كان يأمل بألا يري مشهد إراقة الدماء مرة أخرى بعد رحيل مبارك عن السلطة.


ولما كثرت الاحتجاجات في الشارع المصري وطالب الجميع بانتخابات رئاسية فاز فيها الرئيس المعزول محمد مرسي "الاستبن" بحكم مصر، وقتها تصورت الجماعة المحظورة الآن أن حلمها تحقق في تملك مصر والمصريين أيضا، وراحوا يتعاملون مع الناس على أنهم أصحاب هذا البلد، كانت وجهة نظر من انتخبوا مرسي أن الإخوان رجال دين يدعون إلى الله وحب الرسول ولا يتصور أبدا أن يسرقوا أقوات الناس أو أن يظلموهم، إلا أن الحقيقة التي ظهرت أنهم وكما يقول المثل الشعبي الدارج "ياكلوا مال النبي"، وهنا ضاع حلم المصريين ببناء مصر الأفضل بعدما أوهم الإخوان الناس بأن لديهم مشروع نهضة حقيقية للبلد، وأن مشاكلهم ستحل في 100 يوم فقط من حكم الإخوان، مرت الـ100 يوم الأولي ولم يتحقق شيء وظهر أمام الجميع أن ما اعتبره الإخوان نهضة مجرد "فنكوش"، وأن الإخوان باعوا "الوهم" للمصريين وتكسر الحلم على عتبة الإخوان.

جرائم الإخوان كان لا يمكن السكوت عليها، فأفعالهم كانت تقف أمام الحلم المصري ببناء وطن أفضل وقامت ثورة 30 يونيو بعد دعوات تمرد بالثورة ضد الإخوان، ساند هذه الثورة الفريق أول عبد الفتاح السيسي وعاد الحلم يراود المصريين من جديد إلا أن ذيول نظام الإخوان ما زالوا يتمسكون بأمل العودة إلى الحكم بإرهاب الناس وقتل الأبرياء والوقيعة بين أبناء الوطن الواحد وتشويه القيادات الأمنية والعسكرية والرموز الوطنية ودفع الأمن إلى الدماء لتوريطه ثم يقومون بشراء مساحات إعلانية بكبري الصحف والمجلات العالمية يكتبون فيها أكاذيب ويشوهون ثورة مصر أمام العالم من أجل حلم العودة وهم يعلمون جيدا أن هذا هو المستحيل.

تلك هي سنوات الفرص الضائعة أمام المصريين من أجل بناء وطن كبير يتسع للجميع لا تكون فيه الرشوة ولا المحسوبية هي بطاقة المرور، تكون للمصري فيه قيمة، وحقوق مصانة في كل دول العالم، فهل تنتهي تلك السنوات العجاف أم سيظل حلم المصريين بعيدا؟ هذا ما سنعرفه بالتأكيد وإذا فشلنا فسنحلم من جديد حتي يتحقق الحلم حتي ولو انتظرنا ألف عام.
الجريدة الرسمية