بدء جلسات الحوار الوطني في تونس غدًا.. والمظاهرات بديلًا حال الفشل
بين الاحتفال والاحتقان، تنطلق غدا الأربعاء، أولى جلسات الحوار الوطني في تونس، تحت إشراف المنظمات الأربع الراعية له وبمشاركة رؤساء الأحزاب السياسية الذين كانوا وقعوا على خارطة الطريق التي تسير عليها البلاد.
ويسعى المؤتمر لحل الأزمة السياسية والاقتصادية والأمنية التي تعصف بالبلاد منذ اغتيال السياسي المعارض محمد البراهمي، في 25 يوليو الماضي.
وبالتوازي مع انطلاق اجتماعات الحوار، يحيى التونسيون الذكرى الثانية لأول انتخابات نزيهة وشفافة تنظمها البلاد بعد ثورة الرابع عشر من يناير 2011، فيما ينزل الآلاف إلى الشارع الرئيس للعاصمة تونس في مسعى للضغط على حكومة على العريض ودفعها إلى إعلان استقالتها.
في المقابل، قررت رابطات حماية الثورة، وهى خليط من الشباب المتدين والهامشي والعاطل عن العمل وخريجي السجون، النزول إلى الشارع أيضا للتصدي لأنصار أحزاب المعارضة المتشددة، مما يؤشر إلى حدوث مواجهات بين أبناء الشعب الواحد الذين فرقت بينهم السياسة بعد أن جمعتهم الثورة ووحدت صفوفهم.
وتسطير حالة من الخوف على القلوب في انتظار ما ستسفر عنه أحداث اليوم الذي ستمر ساعاته رتيبة بسبب المسيرات التي قد لا تمر بسلام بعد نزول الغريمين، المعارضة ورابطات حماية الثورة، إلى الشارع في نفس التوقيت بنوايا متضاربة.
ولعل التضارب هو السمة الأساسية لكل التظاهرات التي تلتئم اليوم وأهمها انطلاق الجلسة الافتتاحية للحوار الوطني، التي قال عنها نائب رئيس اتحاد الشغل الذي يتزعم الرباعي الراعي للحوار، بأن المساعي حثيثة لتقريب وجهات النظر بهدف تجنب "الثغرات" في التوافق بين طرفي النزاع دون أن يخفي خشيته من أن تؤثر مظاهرات اليوم على ظروف انطلاق الحوار.
لقد بات من شبه المؤكد أن هذا الحوار المنشود والذي طالت فترة مخاضه، من فرط هشاشته، قد يتعرض إلى الكسر أو النسف نهائيا. بمعنى أن أحزاب الترويكا التي ستجلس اليوم قبالة أعدائها من المعارضة المنضوية تحت ما يسمى " جبهة الإنقاذ"، يعلم الجميع أنها تشترط الانتهاء من المسار التأسيسي قبل إعلان استقالة حكومتها والبدء في التحاور قصد تشكيل حكومة كفاءات مستقلة.
ويعلم الملاحظون السياسيون أنه من الصعب تشكيل حكومة جديدة في وجود الدستور الصغير أي القانون المنظم للسلطة المؤقتة الذي شرعه المجلس التأسيسي في أول خطوة له منذ عامين اثنين، ومع استحالة تغييره في ظرف زمني وجيز، تكون العودة للمجلس التأسيسي لمباركة الحكومة الجديدة ضرورة حتمية قانونيا وتشريعيا.
كما أن "النهضة الحاكمة" التي تمتلك الأغلبية في المجلس التأسيسي بـ 93 عضوا، بالإضافة إلى أكثر من أربعين عضوا من حزبي المؤتمر والتكتل، حليفيها في الائتلاف الحاكم، سيكون بيدها الحل والربط ولها مطلق الحرية في المصادقة على التشكيلة الجديدة للحكومة من عدمها.
وقبل هذا وذاك، فان النقاشات والتجاذبات السياسية والمناورات واختلاق المعارك والصراعات الوهمية، وهى عادات دأبت عليها النخبة السياسية منذ عامين، لن تصمد أمامها إرادة البعض إنهاء الحوار أو حتى سيره الطبيعي ليفضي إلى التوافق المنتظر.
بتعبير آخر، يرى المتتبعون للشأن السياسي المحلي، أنه من الصعب في ظل هكذا ظروف أن تسير اجتماعات الفرقاء السياسيين سيرا طبيعيا يؤدي إلى النتائج المرجوة خاصة أن خارطة الطريق التي هى بالضرورة أهم نتيجة للحوار، قد تم الإمضاء عليها منذ أسابيع دون مناقشة بنودها بند.. بند بما يتماشى ورغبات كل شق من المتفاوضين.
بعض المحللين السياسيين يعتقدون جازمين أن المعارضة تدخل الحوار بنوايا تحطيمية أي أنها تهدف فقط إلى إسقاط حكومة الترويكا وإقصاء النهضة من المشهد السياسي في مرحلة ثانية، إن وجدت إلى ذلك سبيلا، أسوة بما أتاه المصريون ولم يتمكن اعتصام الرحيل منذ ثلاثة أشهر من التوصل إليه برغم الأموال المتدفقة من هنا وهناك.
وبين متفائل بنجاح الحوار ومسلم بفشله قبل أن يبدأ، يعيش التونسيون على وقع أول انتخابات يشاركون فيها بكل حرية وقد ترشحت لها كل الأحزاب السياسية منفردة فضاعت أصوات كان بالإمكان ربحها في حال تم التحالف بين أحزاب ذات اتجاهات متقاربة.