رئيس التحرير
عصام كامل

الأحزاب الدينية وخطر الطائفية


أخطأ من يظن أن من مصلحة الدولة قيام أحزاب على أساس دينى أو مرجعية دينية، فهذا إما متعصب أعمى أو جاهل غبى الأولى به أن يعلم أن تعاليم دينه التى تربى عليها يجب أن تظهر أثناء الممارسة السياسية، من صدق وأمانة وحسن المعاملة وإيمان بالعمل الجماعى، وهذا لا يختلف عليه أحد، أما غير ذلك فهو من الخطورة بمكان وهو مخالف لما كان عليه النبى (ص) عندما وضع دستور المدينة أو المعروف تاريخيا بوثيقة المدينة، كانت هذه الوثيقة مدنية حضارية تراعى التنوع والاختلاف لم يتم تأسيس بند على أساس طائفى وإنما حرصت كل الحرص على الدمج بين كل الطوائف لكي لا تتحكم فيها الأهواء والعصبيات.


أما فى زماننا هذا، فقد بدأت إرهاصات الطائفية والاضطرابات على أساس دينى بين المسلمين وبعضهم بقيادة جماعة الإخوان ضد من لا ينتمى إليها فضلا عن الخطاب الطائفى الموجه لغير المسلمين منذ أن تولى الإخوان الحكم إلى أن جاءت ثورة يونيو -ثورة التصحيح لثورة يناير- واقتلعت جذور الطائفية وقضت عليها إلى الأبد.

ومع استمرار نهج القضاء على كل ما هو مؤسسى ودستورى من قبل الجماعة لكى تتوافق مع أهدافهم ومعتقداتهم، كانت هناك فيما يسمى بدستور 2012 الطائفى المعطل مادة تمنع قيام أحزاب على أساس دينى أو التفرقة بين المواطنين، وبالممارسة النمطية المعتادة لهم دهسوا هذه المادة بأرجلهم ومارست أحزابهم عملها على أساس دينى ومن ثم كرثوا للطائفية والعدوان بين أطياف المجتمع.

وبكل أسف صدروا هذه الممارسات على أنها هى الإسلام، فاعتدوا اعتداءً صارخًا على الشريعة الإسلامية ونسبوا إليها ما ليس فيها ولا منها، فالإسلام يؤمن بحق الاختلاف والحرية وحق التعبير عن الرأى ويرفض الطائفية ويرفض التعصب الدينى غير المبرر له على الإطلاق ويؤمن بالمساواة والسلام والتعايش السلمى ويعلى من قيم التسامح والأنسنة والعقلانية.

وبدأ الشعب المصرى يرى تعاملهم وممارساتهم ويلمسها بداية من التعامل الملىء بالاستعلاء والتكبر والنزعة العنصرية، لأنهم يعتقدون أنهم أصحاب الحق وغيرهم على الباطل، لا نريد أن نتعجب، هذه عقيدة الإخوان التى تربوا عليها وكما نظر لهم منظروهم.

فكان مأمون الهضيبى المرشد الأسبق للجماعة يقول الحق لابد أن يستعلى على الباطل والباطل من وجهة نظرهم البائسة هو المجتمع ككل فهو مجتمع جاهلى ويرون أن الله اصطفاهم لتحرير هذا المجتمع من الجاهلية والشرك وأنه آن الأوان لتفعيل مبدأ حاكمية الله وحاكمية الله منهم براء، من أجل هذا بدأ استخدام المساجد للترويج لما يقولون وحث الناس على التصويت لهم والانحياز لبرامجهم لأنهم حامو حمى الشريعة ضد كل الأطراف التى تتوحد لرفضها كما يزعمون ومن يعارضهم فهو يعارض الإسلام وهو ضد الشريعة وهو إما ليبرالى منحل أو علمانى مارق.

وهكذا بدأت الكراهية تزرع فى نفوس المصريين بعضهم تجاه بعض بسبب هذا الخطاب الطائفى التحريضى الذى لا يعرف للأمانة طريقا، ولهذا نقول لابد من حظر تكوين أحزاب على أساس دينى ويجب حل جميع الأحزاب التى قامت على هذا الأساس ويجب أن تتعهد الدولة بضمان تحقيق ذلك لضمان استمرار الدولة وتماسك شعبها.
الجريدة الرسمية