قانون منع التظاهر
جاء قانون التظاهر الجديد، الذي أقرته حكومة الدكتور حازم الببلاوي، خلال الأيام القليلة الماضية ليعيد إلى الأذهان ذلك القانون الذي حاول الرئيس السابق مرسي وإخوانه تمريره، لقمع معارضيهم وقطع الطريق على أي محاولة للاعتراض على سياستهم.
نعم، فقانون التظاهر الذي من المنتظر أن يصدره الرئيس المؤقت عدلي منصور خلال الأيام القليلة الماضية، لا يفرق شيئا عن القانون الذي حاول الرئيس السابق تمريره، فإذا كان قانون مرسي يهدف إلى تقييد التظاهر فإن قانون منصور يهدف إلى منعه ومصادرته تماما.
أعلم جيدا أن أي دولة في العالم في حاجة إلى قانون لتنظيم التظاهر، ومقابل ذلك أعلم أيضا أن التظاهر حق أساسي كفلته جميع مواثيق حقوق الإنسان، ولذلك أؤيد قانونا يحمي هذا الحق وينظمه، لا قانونا يمنعه ويصادره، مثل ذلك القانون الذي أعدته وزارة العدل.
فإذا نظرنا إلى مواد هذا القانون، سنجد أن معظمها يشير إلى أننا أمام وثيقة قانونية ستعطي الحق لأجهزة الدولة في القضاء على حق التظاهر نهائيا، فاشتراط القانون ضرورة إخطار وزارة الداخلية بالتظاهر، قد يؤدي إلى تعنتها في تلقى الإخطار، مبررة ذلك بالبيروقراطية الإدارية، كما أن إعطاء القانون لقوات الشرطة الحق في إلغاء المظاهرة وفضها يعد بمثابة أداة قانونية تعطي الحق في إنهاء وقمع أي مظاهرة حتي لو كانت سلمية، وأخيرا فإن العقوبات والغرامات الكبيرة التي يفرضها القانون على من يخالفه تعد بمثابة أداة تعجيزية تجعل المتظاهر يفكر مائة مرة قبل الانضمام إلى أي مظاهرة.
بالإضافة إلى ذلك أيضا، فإن قانون التظاهر يضعنا أمام مفارقات عدة في مواقف النظام الحالي تكشف ازدواجية المعايير التي يعاني منها، فكيف يمكن لوزير العدل الذي جاء من خلال مظاهرات خرجت من كل مساجد وكنائس مصر يوم 30 يونيو أن يعد قانونا يحظر التظاهر أمام دور العبادة؟، وكيف يمكن لحكومة جاءت عن طريق الاعتصام في ميدان التحرير أن تقر قانونا يحظر وبصورة صريحة الحق في الاعتصام؟، وأخيرا كيف سيمكن لرئيس جاء من خلال التظاهر أمام قصر الاتحادية أن يوافق على قانون يحظر التظاهر أمام المقار الرئاسية؟
فالحجج الوهمية التي يروج لها النظام الحالي لا تشفع ولا تبرر له إصدار مثل هذا القانون، الذي يقضي على المكتسب الوحيد الذي أقرته ثورة 25 يناير، فإذا كان النظام يري أن هناك عنفا وإرهابا في الشارع المصري، وأنه في حاجة إلى أداة قانونية لمواجة ذلك، فهو يمتلكها بالفعل، بموجب قانوني العقوبات والطوارئ.
nour_rashwan@hotmail.com