رئيس التحرير
عصام كامل

«الأمم المتحدة تحارب السعودية بحقوق الإنسان».. رفضها مقعد مجلس الأمن يؤلم الغرب.. مطالب بإنهاء وصاية الرجل على المرأة بالمملكة.. دعوة الرياض لتوقيع اتفاقيات حقوق العمالة.. نظام الكفيل يصادر

مجلس حقوق الإنسان
مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة

بعد رفض المملكة السعودية لمقعد مجلس الأمن غير الدائم، بدأ مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة المراجعة الدورية لوضع السعودية، مستندة لمطالبة منظمات حقوقية دولية بممارسة الضغوط شديدة على المملكة لرفع الظلم عن الناشطين والعمال الأجانب والمرأة، ووضع قوانين جنائية بعد تطبيق الشريعة الإسلامية بطريقة استنسابية وفق تقدير المدعي العام، وحرمان المتهم حق الدفاع عن النفس أو المحاكمة العادلة، وذلك قبل أسابيع من موعد التصويت على ترشح الرياض للحصول على مقعد من أصل 14 في المجلس لمدة 3 سنوات.

وفي هذا الصدد، طالبت منظمة «هيومان رايتس ووتش» لحقوق الإنسان السعودية بالسعي إلى اتخاذ خطوات فعلية لإنهاء الإساءات والانتهاكات للحقوق في المملكة- بحسب ما قاله المركز العربي للدراسات المستقبلية. والمفارقة أن الرياض حالت دون دخول مراقبين لحقوق الإنسان من المجلس طلبوا الدخول للتحقق من تطبيق ما ورد في توصيات تقرير عام 2009.

وقوبلت طلبات المراقبين بالدخول- والتي بلغ عددها سبعة- بالرفض، وجاء ذلك مخالفة للقواعد التي تلتزم بها الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان، على غرار ما فعلت إسرائيل برفضها دخول مقررين لحقوق الإنسان إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة مثل ريتشارد فولك وغيره.

ودفع ذلك المنظمة الحقوقية لإصدار بيان «نادرًا» بشأن السعودية قالت فيه «على المندوبين السعي الحثيث من أجل الإفراج عن الناشطين السعوديين المسجونين منذ سنة لدعوتهم إلى الإصلاح بوسائل سلمية وحسب».

وذكرت المنظمة عددًا من أسماء المقبوض عليهم من الناشطين بالسعودية «عبد الله الحميد، ومحمد القحطاني، ومخلف الشمري»، وأكدت أنهم من الأشخاص الذين ينبغي الإفراج عنهم بعد سجنهم بتهم مثل محاولة تشويه سمعة المملكة وكسر طاعة الحاكم، وإنشاء تنظيمات غير مرخص لها.

فيما قالت المنظمة، إن المحاكم السعودية تحاكم آخرين، بينهم وليد أبو الخير، بتهم مشابهة، وضايقت السلطات عشرات المواطنين ومنعتهم من مغادرة البلاد.

في حين، ذكر نائب مدير قسم الشرق الأوسط في المنظمة الأمريكية، جو ستورك، «أن الكثير من الدول لديها سجّلات إشكالية، لكن السعودية تتميز بمستويات قمع فوق العادة، وبفشلها في تنفيذ تعهداتها لمجلس حقوق الإنسان، وعلى الدول أن تستغل هذه الفرصة لإرسال رسالة شديدة موحّدة إلى السعودية بشأن الحاجة إلى إجراء إصلاحات ضرورية في مجال حقوق الإنسان».

وترى المنظمة أن الوعود التي قطعتها الرياض بالإصلاح لم تؤد إلى أي نتائج ملموسة فنظامها الجنائي «اعتباطي وبحاجة إلى التطوير». وطالبت بإبطال ما أطلقت عليه «نظام وصاية الرجل على المرأة»، وبإلغاء نظم ومظاهر التمييز الرقابية على العمالة الوافدة، مما يترك العمال فريسة الاستغلال "إلى حد التشغيل سخرة". لتتهم المنظمة السعودية بأنها تجاهلت تطبيق توصيات مجلس حقوق الإنسان في المراجعة التي جرت عام 2009.

ولم تكتف المنظمات الحقوقية الغربية بذلك لكن طرحت عدة طلبات، وكان من المطالب المطروحة، توقيع السعودية وموافقتها على معاهدات واتفاقات مجلس حقوق الإنسان الأساسية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وإلغاء التمييز العنصري بكافة أشكاله، ومعاهدة حماية حقوق العمالة الوافدة وأسرهم وكلها معاهدات لم توقّعها المملكة. 

ستورك أكد على أن سجل السعودية يشمل « البائس في التعاون مع الأمم المتحدة ورفضها الموافقة على تشريعات تتعلق بحقوق الإنسان، ويجب أن يكونا من المظاهر الأساسية للمراجعة الدولية الشاملة».

وأوردت المنظمة جوانب أخرى مثيرة، أبرزها النظام الجنائي الذي ذكرت أنه ينتهك «الحد الأدنى من معايير حقوق الإنسان، وهو الحق في الدفاع والمحاكمة العادلة»، وأنه منذ عام 2009 أصدرت السلطات أحكاما وسجنت عشرات الرجال والنساء بتهم سياسية غامضة، تفرض قيودا غير مسموح بها على حرية التعبير والانتساب إلى جمعيات والتجمع للتعبير السلمي عن الآراء السياسية والدينية.

أما قانون الانتماء إلى جمعيات أو أحزاب، فلا يلبي الحكم السعودي الحد الأدنى من المعايير الدولية لكونه «يرغم المنظمات غير الخيرية على العمل على نحو غير شرعي تاركًا النشطاء تحت رحمة المحاكمة الجنائية لإنشائهم منظمة غير مرخصة»- بحسب بيان هيومان رايتس وواتش.

وفي مجال حقوق المرأة، أشارت المنظمة إلى بعض التقدم منذ عام 2009، لكنها ذكرت أن نظام الوصاية المطلقة للرجل على المرأة لا يزال مفروضًا، ومن ضمنها حصول المرأة على إذن الرجل لمزاولة العمل التجاري، والتعامل مع الوزارات الحكومية أو مغادرة البلاد أو حتى إجراء عمليات جراحية معينة «ولا تزال المرأة السعودية ممنوعة من قيادة السيارة».

وطرحت المنظمات موضوع الكفيل السعودي للوافدين من الخارج، حيث يمنح صاحب الكفالة سلطات تتيح له التحكم المطلق في العمال والموظفين وتقاضي رواتبهم بالنيابة والإساءة إليهم وحتى إرغامهم على العمل بنظام السخرة كالرقيق.

ولا يزال العمال ممنوعين من تحويل وظائفهم من دون موافقة الكفيل، ولا يقدرون على التخلص من الإساءات التي يتعرضون لها على يد الكفيل السعودي- وفقما ذكرت المنظمات- وعندما يود أي مغترب يعمل في السعودية المغادرة لا بد له من الحصول على إذن من كفيله لنيل تأشيرة مغادرة.

وذكّرت «هيومان رايتس» أن قرار الجمعية العامة الذي أسس مجلس حقوق الإنسان ينص على أن الدول الأعضاء في المجلس يجب أن تحترم أعلى المعايير في تعزيز حماية حقوق الإنسان، ويجب أن تتعاون على نحو تام مع المجلس. وهذا ما لم تطبقه المملكة بأي شكل من الأشكال.

ستورك في تقيمه ذكر أن سجل السعودية القمعي، وإخلالها بالوعود بشأن تحسين ممارسات حقوق الإنسان لديها، يثيران أسئلة كثيرة حيال ملاءمتها لعضوية مجلس حقوق الإنسان. مطالبًا المجتمع الدولي بإلزام المملكة لاتخاذ خطوات ملموسة ومرئية قبل انتخابات مجلس حقوق الإنسان من أجل إظهار رغبتها في تحسين سجلها البائس في مجال حقوق الإنسان بما في ذلك تحرير النشطاء المسجونين.
الجريدة الرسمية