رئيس التحرير
عصام كامل

انتهاء المعونة أم نهاية أمريكا


في نفس الوقت الذي كان فيه البعض يعول على بقاء المعونة الأمريكية لمصر ويتحسس كلامه عن أمريكا سائلا المولى عز وجل (أن يجعل كلامنا خفيفا على أسيادنا في واشنطن) إذا بأمريكا توقف جزءا مهما من هذه الأموال متذرعة بما تسميه (ضرورات التحول الديمقراطي)!!.


يرى هذا البعض أن تصرفه الحذر إزاء الأمريكان والدعم الآتي منهم نوعا من الحكمة المتعالية والبصيرة الثاقبة، ويصر على أن دعاة الاستغناء عن هذا الدعم هم جماعة من المتهورين الذين لا يفهمون السياسة ولا العلاقات بين الدول، وأن أمريكا بحاجة لاستمرار العلاقة بيننا وبينها ضمانا لكامب ديفيد التي هي مصلحة أمريكية إستراتيجية.

منذ متى كانت أمريكا حريصة على هذا (الديمقراطي) وهل لوقف الدعم التسليحي والمالي علاقة بهذا الملف؟!.
ثم من الذي قال إن أمريكا ضامن أبدي لأمن الكيان الصهيوني وأنها ستفعل هذا مهما كان العبء الواقع على ميزانيتها؟!
يعرف المتابعون أن أمريكا قامت بخفض إنفاقها العسكري بنسبة 20% وأن هذا الخفض جاء بسبب أزمتها المالية المتفاقمة، كما يعرف هؤلاء أن القوى الكبرى عندما تتجه نحو الإفلاس فإن أول ما تقوم به هو تقليص معوناتها التي تقدمها للدول السائرة في فلكها قبل أن تقوم بتخفيض ذات الدعم لشعبها.

إنه التخفيض الحتمي الذي بدأ بمصر وسينتهي حتما بتقليص الدعم للكيان الصهيوني (ويا روح ما بعدك روح)!!.
كان هذا أول إجراء قام به الاتحاد السوفيتي المنهار الذي قام بتخفيض دعمه لدول حلف وارسو منتصف الثمانينيات قبل أن تكتمل الكارثة وتتجه الإمبراطورية كلها نحو مصيرها المحتوم وهو الانهيار.

السبب الحقيقي لوقف الدعم الأمريكي لمصر أو تقليصه لا يتعلق بما يسمى دجلا وليس جدلا الملف الديمقراطي بل بسبب اضطرار هذه الدولة السائرة حتما نحو الإفلاس لتخفيض نفقاتها إذ ربما ولعل يمكنها الإفلات من ذات المصير الذي سبق إليه السوفيت.

القاعدة ذاتها تنطبق على أي نوع آخر من المعونة تأتي من أطراف أخرى خاصة تلك التي تأتي محملة بحزمة من الشروط المعلنة أو المخفية فالمنظومة السياسية الأمريكية بأسرها شموسها وكواكبها وأقمارها في طريقها للأفول، وسبحان من لَا يَحُولُ وَلَا يَزُولُ وَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْأُفُولُ!!.
الجريدة الرسمية