رئيس التحرير
عصام كامل

هيئة البترول تتسبب في انهيار أكبر معمل بترول في الشرق الأوسط.. «ميدور» يحقق سنويًا 327 مليون دولار وتراجع إلى 100 مليون بسبب الإهمال.. الفساد للركب والمسئولون تفرغوا لتوزيع الأرباح رغم خسارة

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

بالرغم من التصريحات الوردية المستمرة من قبل المسئولين بقطاع البترول بشأن تطوير وإعادة هيكلة معامل التكرير في مصر ورفع كفاءتها التشغيلية لاستيعاب المواد الخام لاستخراج المنتجات البترولية بدلًا من عمليات الاستيراد التي تكبد الدولة ملايين الدولارات يوميًا، إلا أن مسلسل الفساد وإهدار موارد الدولة مازال مستمرًا حتى الآن.

وتعد معامل التكرير التي تمتلكها الدولة الأكثر فسادًا، ولكونها معامل مملوكة للدولة بنسبة 98% فإنها تعانى من الإهمال الشديد وعدم وجود رقيب أو حسيب، وتفرغ المسئولين لتوزيع أرباح على أنفسهم رغم أن الشركات خاسرة وعقد جمعيات عمومية يحصلون خلالها على ملايين الجنيهات.

وبالرغم من أن مصر تمتلك أكبر معمل تكرير بترول في الشرق الأوسط وهو معمل «ميدور» الذي يعمل بأحدث النظم التشغيلية وهو الوحيد في مصر الذي يحتوى على أعقد وأخطر وحدات تكسير هيدروجيني للمازوت، بضغوط عالية جدًا، إلا أن هيئة البترول التي تمتلك 98% من أسهمه تعمل على انهيار هذا الكيان العملاق بسبب عدم تسديد مديونياتها له أو مده بمواد خام يستطيع من خلالها العمل بكفاءة عالية.

وأكد المهندس مدحت يوسف الرئيس السابق لهيئة عمليات وزارة البترول، أن التكلفة الاستثمارية لـ«ميدور» بلغت 1.1 مليار دولار، وفى آخر تقييم من إحدى المؤسسات الإنجليزية تم تقدير أصوله بما يعادل ٤ مليارات و350 مليون دولار بمعنى أن مصر تمتلك ثروة هائلة متمثلة في هذا العملاق الكائن بمنطقة العامرية بالإسكندرية.

موضحًا أن معمل ميدور حقق أرباحًا سنوية صافية بلغت ٣٢٧ مليون دولار عام ٢٠٠٨ حين كانت تعمل بمنطق الاستثمار الحر وذلك بحكم إدارة اقتصادية واعية وتضافر جهود العاملين بالشركة لتحقيق إنجاز كبير للشركة، وفى ظل تطبيقات حديثة لكافة الأنظمة الفنية والتجارية والإدارية.

وقال «يوسف» إن شركة ميدور كانت تقوم بتدبير احتياجاتها من مواد التغذية بالاستيراد من الخارج بأسلوب تجاري مميز وبأسعار تنافسية جيدة وبيع جزء كبير من الإنتاج للهيئة وتصدير باقي المنتجات للخارج وكان نتيجة عدم قيام الهيئة بسداد قيمة مسحوباتها من الشركة، أن لجأت الشركة إلى الاستدانة من البنوك المحلية والأجنبية حتى الوصول لأسقف الائتمان الحرج فتوقفت الشركة عن الاستيراد ولجأت لهيئة البترول للمطالبة بسداد المديونية أو بتوفير مواد تغذية من الزيت الخام المصري، حتى انخفضت كفاءة تشغيل «ميدور» إلى ما يوازي ٧٠٪ وأحيانا أقل. 

وبعد ذلك قامت هيئة البترول بإمداد الشركة بنوعيات من الخام لا تتفق ونوعية الوحدات التحويلية بالشركة فانخفضت كفاءتها وبالتالى انخفض إنتاج الشركة من السولار والبنزين والبوتاجاز والذي يعانى السوق المحلي عجزًا شديدًا لها 

وكان نتيجة سوء التخطيط من هيئة البترول وتحكمها في الشركة كونها المالكة لها بنسبة ٩٨٪ أدى ذلك إلى انخفاض ربحية الشركة إلى ما يوازي ١١٨ مليون دولار فقط العام السابق وتسير هذا العام إلى الخسارة نتيجة تحميلها فروق تحويل العملة وفى ظل فرض علاوة منخفضة محددة من الهيئة على السعر العالمي القياسي لكافة منتجات الشركة وكذا فرض سعر عالمي مغالى فيه لأسعار الزيت الخام المورد من الهيئة للشركة.
الجريدة الرسمية