رئيس التحرير
عصام كامل

"جامعة الأزهر" من منارة العلم والعلماء إلى وكر ميليشيات طلاب الإخوان.. "الدولة الأيوبية أطاحت بالمذهب الشيعي من خلالها".. الخلافة العثمانية سيطرت عليها.. ورؤساء مصر السابقين أعطوها ظهورهم

جامعة الأزهر
جامعة الأزهر

جامعة الأزهر منارة العلم والعلماء والتاريخ المهمل من الحكومات المصرية المتتالية، تحولت اليوم إلى معقل لطلاب الإخوان، الجامعة استقبلت اليوم السبت نحو 400 ألف طالب بفرعي البنين والبنات بعد أن تم تأجيل الدراسة بها لمدة 20 يوما؛ نتيجة للاضطرابات التي تشهدها مصر حاليا، وتستقبل الجامعة العام الدراسي الجديد بدعوات طلاب الإخوان لتعطيل الدراسة وإقالة شيخ الأزهر أحمد الطيب.

تحتل جامعة الأزهر مكانة كبيرة في قلوب وعقول المصريين، فمنذ بناء الجامع الأزهر اكتسب المسجد شهرة واسعة على مر العصور، وأصبح أشهر مسجد في العالم الإسلامي، وأقدم جامعة تدرس فيها العلوم الدينية والعقلية، وسرعان ما جلس فيه العلماء يقدمون حلقات الدراسة التي اتسمت منذ البداية بسمات الحياة الجامعية، كالمناقشات العلمية الحرة والإجازات الدراسية والفخرية ونظام المعيدين والأساتذة الزائرين وغيرها من مظاهر الحياة العلمية التي عرفها الأزهر منذ قرون، وكانت أساسا للنظم والتقاليد الجامعية التي عرفت بعد ذلك في الشرق والغرب، ومن ثم اعتبر الأزهر أقدم جامعة دينية في العالم.

في القرن الـ19 صدر القانون رقم 49 الذي نظم الدراسة في الأزهر ومعاهده وكلياته، ونص على أن التعليم العالي بالأزهر يشمل كليات الشريعة وأصول الدين واللغة العربية، وفي 5 مايو 1961 صدر القانون رقم 103/1961 بتنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها، وبمقتضى هذا القانون قامت في رحاب الأزهر جامعته العلمية التي تضم عددا من الكليات العلمية لأول مرة مثل كليات التجارة والطب والهندسة والزراعة، وفتحت أبواب الدراسة بالجامعة للفتاة المسلمة بإنشاء كلية للبنات ضمت عند قيامها شعبا لدراسة الطب والتجارة والعلوم والدراسات العربية والإسلامية والدراسات الإنسانية وتتميز الكليات الحديثة والعلمية بجامعة الأزهر عن نظيراتها من الكليات الجامعية الأخرى باهتمامها بالدراسات الإسلامية إلى جانب الدراسات التخصصية.

جامعة الأزهر منذ بداية الدولة الأيوبية في مصر التي سعت إلى الإطاحة بالمذهب الشيعي وطمس رسوم الدولة الفاطمية، وإحلال مذهب أهل السنة في الجامع الأزهر، وفي عدة مدارس أنشئت لتعزيزه ومنافسته في حركته المذهبية والعلمية الجديدة، أما في العصر المملوكي اتجهت همة السلاطين من المماليك إلى إعمار الجامع الأزهر، وإسباغ الرعاية على علمائه وطلابه بالمنح والهبات والأوقاف، وأتيح للأزهريين المشاركة في النهضة العلمية والاجتماعية والثقافية في الدولة، وتصاعدت هذه المكانة إلى أن كان لهم دور أكثر في توجيه سياسة الحكم.

وفي عهد الخلافة العثمانية سعى العثمانيون إلى السيطرة على عقول الأزهر، وقام السلطان سليم الأول العثماني بترحيل عدد من علماء الأزهر إلى الأستانة، وكانوا طائفة صالحة من نواب القضاة على المذاهب السنية الأربعة، فضلا عن ترحيل عدد كبير من الصناع المهرة والعمال الفنيين.
وفي أواخر القرن التاسع عشر؛ حيث استعيض عنه بنظام التعليم الحديث أو بنظام قريب منه بحسب الأحوال، وواكب ذلك إصدار عدة قوانين لتنظيم العمل بالأزهر، وأول هذه القوانين قانونا القرن التاسع عشر أولهما في سنة 1872م ينظم طريقة الحصول على العالمية وموادها، وثانيهما في سنة 1885م، وأهم ما تناوله تحديد صفة من يتصدى لمهنة التدريس في الجامع الأزهر أن يكون انتهى من دارسة أمهات الكتب في 11 فنا واجتاز فيها امتحانا ترضى عنه لجنة من ستة علماء يرأسهم شيخ الأزهر، وفي بداية القرن العشرين استصدر قانون سنة 1908 في عهد المشيخة الثانية للشيخ حسونة النواوي، وفيه تم تأليف مجلس عال لإدارة الأزهر برئاسة شيخ الأزهر، وعضوية كل من مفتي الديار المصرية، وشيوخ المذاهب الحنفي والمالكي والحنبلي والشافعي، واثنين من الموظفين، وفيه أيضا تقسيم الدراسة لثلاث مراحل: أولية وثانوية وعالية، ومدة التعليم في كل منها أربع سنوات، يمنح الطالب الناجح في كل مرحلة شهادة المرحلة، ثم تلاها القانون رقم 10 لسنة 1911، وفيه تجديد اختصاص شيخ الأزهر، وإنشاء مجلس الأزهر الأعلى هيئة إشرافية، وتنظيم هيئة كبار العلماء، ونظام التوظف بالأزهر، وعقب إصدار هذا القانون لوحظ إقبال المصريين على الأزهر، وأنشئت عدة معاهد في عواصم المدن المصرية.

وفي عهد المشيخة الأولى للشيخ محمد مصطفى المراغي أصبحت جامعة الأزهر هيئة من هيئات الأزهر الشريف، تختص بالتعليم العالي بالأزهر، إلى جانب هيئات أخرى للتعليم قبل المرحلة الجامعية الأولى، وأخرى للمجلس الأعلى للأزهر، وثالثة لمجمع البحوث الإسلامية الذي يختص بنشر الثقافة الإسلامية وتجلية التراث وتنقيته من الشوائب التي علقت به، وبشئون الدعوة والوفود الطلابية في العالم الخارجي وإعاشتهم، وأنشئت لهم مدينة سكنية للإعاشة والإقامة والرعاية البدنية والنفسية، وخاصة لمن يأتون الأزهر على منح، بالإضافة إلى المنح التي تقدمها وزارة الأوقاف هذا بالإضافة إلى الوفود الإسلامية المتبادلة، والمراكز الثقافية الإسلامية التي أقامتها مصر في عديد من البلاد الأوربية الأمريكية والأفريقية وكذلك المعاهد التعليمية.

وبصدور القانون رقم 103 لسنة 1961م تحول النظام التعليمي إلى النظم التعليمية الحديثة، وتوسع الأزهر في نوعيات وتخصصات التعليم والبحث العلمى للبنين والبنات على السواء، وضم إلى الكليات الشرعية والعربية كليات للطب وطب الأسنان والصيدلة والعلوم والتربية والهندسة، والإدارة والمعاملات، واللغات والترجمة ويتلقى طلابها قدرا لا بأس به في العلوم الدينية، لتحقيق المعادلة الدراسية بينهم وبين نظرائهم في الكليات الأخرى.

سعى الزعيم الراحل جمال عبد الناصر إلى السيطرة على فكر الأزهر ولكنه طور الجامعة، وأضاف لها الكثير من اللغات والكليات الجديدة، أما الرئيس الراحل محمد أنور السادات أهملها ولم يهتم بها كثيرا.

وفي عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك ظهر ما يعرف بميلشيات جامعة الأزهر التي تعد أهم الأحداث الطلابية في العقدين الأخيرين، وفي هذا الإطار تغير التعامل مع الطلاب المنتمين للجماعة من العلاقة الصراعية المتمثلة في التضييقات المختلفة والتهميش من المشاركة في الانتخابات الطلابية إلى "مباراة صفرية" يسعى النظام السياسي من خلالها إلى استغلال تحركات الطلاب المضادة وبعض الأخطاء التي ارتكبوها في الدعاية ضدهم من أجل تشويههم وتوجيه الضربات الأمنية القوية لهم بغرض إضعاف صوتهم "العالي" مع العمل في نفس الوقت على إيجاد بديل طلابي حكومي "تيار المستقبل أو جيل الوطني" أقوى من البدائل الأمنية والحكومية السابقة التي فشلت في مجاراة نشاط طلاب الإخوان في الجامعة.
وتعود بداية أحداث الأزهر إلى الانتخابات الطلابية للعام الدراسي 2006 – 2007؛ حيث قام الأمن وإدارات النشاط الطلابي في الجامعات باتخاذ عدد من الإجراءات التي أفرغت الانتخابات من مضمونها مستغلين اللائحة الطلابية الحالية التي تضع قيودًا على حق الانتخاب والترشيح، والتي ساهمت نصوصها في تمكين الإدارة من شطب الطلاب من القوائم النهائية للمرشحين، لما تتضمنه النصوص من غموض وقد صدرت القوائم النهائية للمرشحين بشطب طلاب الإخوان وهو ما دفعهم للتظاهر والاعتصام في أكثر من جامعة وتطورت الأمور في بعض الجامعات مثل جامعة القاهرة؛ حيث قامت قوات الأمن بالاعتداء بالضرب على أحد التظاهرات. 
وفي هذا التوقيت دشن الطلاب بمشاركة عدد من الأساتذة وخصوصًا من حركة 9 مارس لاستقلال الجامعات انتخابات الاتحاد الطلابي الحر احتجاجًا على شطب الطلاب من الكشوف الانتخابية وبهدف تشكيل اتحاد موازٍ جديد للاتحاد المعين من جانب جهة الإدارة.
الجريدة الرسمية