رئيس التحرير
عصام كامل

الحكومة تواجه المستحيل وتعيد مشروع توشكى للحياة.. مبارك أنفق 17 مليار جنيه ويستأنفه الببلاوي لأهداف سياسية... الخبراء أكدوا عدم جدواه والمستثمرون لن يغامروا بأموالهم.. يستهلك 1/10 حصتنا من المياه

توشكى الجديدة - صورة
توشكى الجديدة - صورة أرشيفية

بعد فترة من التواري والتعثر عاد مشروع توشكي لدائرة الضوء مرة أخرى بعدما وجهت له حكومة الدكتور حازم الببلاوي اهتماما خاصا بعد العروض التي تقدمت بها 7 شركات عربية للاستثمار في مشروعي توشكى وشرق العوينات بما يوفر 15 ألف فرصة عمل جديدة ما استدعي تكليف وزارات الري والزراعة والاستثمار والكهرباء بوضع آليات جديدة لتشجيع الاستثمار في المشروعين.

قرر الدكتور أيمن فريد أبو حديد وزير الزراعة تشكيل فرق عمل من مركزي البحوث الزراعية والصحراء لسحب عينات من التربة بمختلف مناطق المشروع لتحديد إمكانيات التراكيب المحصولية لجميع مناطق الاستصلاح في توشكى والاستفادة من الميزة النسبية للمشروع للبدء في حملة ترويج جديدة.

وقالت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي إنها انتهت من إعداد مخطط تنموي لمنطقة توشكي يستهدف زيادة معدلات التوطين بالمشروع وتنفيذ حزمة من المشروعات تشارك فيها جميع الوزارات لتحقيق التنمية المستدامة بها وتشجيع المستثمرين المصريين والعرب على ضخ استثمارات جديدة بالمشروع 

وصرح وزير الزراعة أنه يجري حاليا الإعداد لطرح مساحة 35 ألف فدان لصغار المستثمرين والأفراد على شكل قطع مساحة 200 فدان للفلاحين والشباب وصغار المستثمرين والمصريين بالخارج والفئات الاجتماعية وباقى المساحة مخصصة لشركة الراجحى للتنمية.

والمشروع الذي تعمل حكومة الببلاوي على إعادته للحياة كان ظهر فجأة بعد زيارة الرئيس الأسبق مبارك لمنطقة النوبة لافتتاح مفيض توشكي في مطلع عام 1996 في أعقاب واحد من أكبر الفيضانات التي شهدتها مصر في العقود الأخيرة وكان ضمن عدد من المشروعات القومية الكبرى التي سميت بــ"عهد النهضة المباركية" حيث وعد بخلق وادي أخضر جديد للنيل وتخفيف الكثافة السكانية في الوادي القديم بتعمير جنوب مصر وحل مشكلة البطالة ودفع إنتاج مصر الزراعي وتفعيل استخدامها لثروتها المائية بالإضافة إلى اقتحام الأسواق العالمية بالصادرات الزراعية المصرية.

إلا أن الآمال التي رسمها المصريون على أهداف هذا المشروع لم يتحقق منها شئ على الرغم من أن فكرة المشروع لم تكن بالجديدة حيث طرحت استصلاح الأراضي في توشكي في الستينيات في إطار رفع كفاءة استخدام موارد مصر المائية إلا أن لفكرة لم تتجاوز الورق الذي كتبت عليه وقتها بسبب شك الحكومة في جدواه.

وتواري المشروع إلى الظل وتجنبته الصحافة الرسمية حيث لم يحدث فيه الكثير من التطورات رغم مضي ما يقرب من نصف المدة المقررة وقيام الحكومة بإنفاق ما يقرب من 17 مليار جنيه على البنية الأساسية له حيث أن عددا من الخبراء والعلماء كانوا أبدوا شكوكهم حول جدوي المشروع وبشكل خاص توجيه عشر دخل مصر المائي للمشروع مع الوضع في الاعتبار أن فيضان 1996 كان استثنائيًا وأن مصر تعاني بالفعل من نقص متزايد في مواردها المائية بالإضافة إلى أن ارتفاع درجات الحرارة الهائل في المنطقة يرفع معدلات البحر بطريقة هائلة وهو الأمر الذي يجعل الهدر كارثيا ويوقف عمليًا الزراعة لمدة ثلاثة أشهر من السنة.

ولكن على الرغم من الإشكاليات العلمية والاقتصادية للمشروع تبقي الحقيقة الثابتة أنه ومنذ اللحظة الأولى للتفكير فيه كان محملًا بالسياسة ومخصصًا لخدمتها حيث طرح في إطار خلق مساحة تعبئة وراء نظام الرئيس الأسبق مبارك وكذلك فإن عودته إلى الصورة حاليا لا يمكن تجاهل ربطه بالوضع السياسي القائم والذي يشير إلى أن حكومة الببلاوي تحاول الاستفادة من المشروع من أجل تحسين صورتها أمام المصريين والظهور باعتبارها حكومة تتحدي المستحيل. 

الجريدة الرسمية