«القرضاوي.. مفتي الفتنة».. يصيغ الفتوى على موائد الملوك والرؤساء والأمراء .. دعم وصول الإخوان إلى السلطة ودعا للجهاد بعد الإطاحة بهم.. دعا لـ"بن علي" من منبر "الزيتونة" وبعد شهور وصفه بـ"عدو
تناول الباحث الأمريكى بمعهد واشنطن انستتيوت "ديفيد شنكر"، ظاهرة الداعية يوسف القرضاوي، رئيس اتحاد ما يُسمى بـ"اتحاد علماء المسلمين" وجاء تحت عنوان "القرضاوي والنضال من أجل الإسلام السني".
ولفت الباحث الأمريكى في مقال مطول، نشره موقع معهد "واشنطن انستتيوت"، اليوم، إلى أن التحول المفاجئ في وجهة نظر القرضاوي من الاعتدال إلى التشدد ضد مصر وسوريا قد يكون نقطة الانطلاق نحو فتنة طائفية مستقبلية داخل المجتمع السني في منطقة الشرق الأوسط.
وأكد شنكر، على أنه في ظل الصراع المحتدم بين السنة والشيعة في العراق ولبنان وسوريا والبحرين، ما زالت الاخبار عن الطائفية والمذهبية تسيطر على الساحة السياسية في الشرق الأوسط، ولكن الصراع المستحدث داخل الطائفة السنية لا يقل أهمية، خاصة انه بدأ يتبلور في جميع انحاء المنطقة بين مختلف الدوائر الإسلامية والدوائر ذات الميول العلمانية.
وأوضح الخبير الأمريكى، أن رجل الدين المصري "يوسف القرضاوي" هو رمز لهذا الصراع، وعلى الرغم من أن "القرضاوي" أظهر نفسه لسنوات طويلة باعتباره مثالا للاتجاه الإسلامي "الوسطي" المعتدل، إلا أن "القرضاوي" أصدر في الأشهر الاخيرة فتاوى دينية مثيرة للجدل تدعم الصراع بين السنة والشيعة في سوريا واستعادة الرئيس الإسلامي المعزول "محمد مرسي". وعليها فقد وضعت هذه الفتاوى رجل الدين البالغ من عمر 87 عاما في قلب اثنين من القضايا الأكثر استقطابا وسخونة في المنطقة.
ويرأس "القرضاوي" ما يُسمى بـ"الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين السنة" ويعد المنارة الأيدلوجية لجماعة الإخوان المحظورة في مصر، والداعم لحركة "حماس" الفلسطينية، وفي الوقت ذاته، هو أحد المدافعين عن الديمقراطية والإصلاح السياسي في المنطقة.
وقال الباحث في معهد واشنطن انسيتيوت، أن التحول الأيديولوجي المثير لـ"القرضاوي" بدأ مع استخدام الرئيس السوري "بشار الأسد" للأسلحة الكيماوية ضد المدنيين من شعبه في 21 أغسطس الماضي، وهذا التحول أتي بعد إدانات متكررة لم تأتي ثمارها وما زال القتل مستمر في سوريا حتى أنه طلب من واشنطن حماية السوريين كما فعلوا مع الشعب الليبي. وهذه الدعوات لم تثير إستياء العديد من السنة نظرا لتصاعد الاعمال الوحشية في سوريا، لكن بعض الدوائر الإخوانية عارضت موقفه ورفضت التدخل العسكري لأنه لا يؤدي في النهاية إلا تحقيق مصالح الأمريكان والصهيانة.
استخدام نظام "الأسد" للأسلحة الكيماوية هو نقطة الإنيهار للقرضاوي -بحسب شكر- وبعدها أصدر الرجل فتوى دعا فيها كل مسلم سني إلى التدريب العسكري إلى الجهاد في سوريا والقتال ضد الشيعة والعلويين.
ويتابع الباحث الأمريكي، أنه بالنسبة لموقفه من مصر، كان "القرضاوي" من أكبر الداعمين لصعود الإخوان إلى السلطة وترشيح "محمد مرسي" للرئاسة، ولكن بعد الإطاحة بالرئيس المنتخب، سريعا ما بادر بفتوى دعا مسلموا العالم إلى ضرورة الجهاد في مصر ضد العسكر، بل وتفاقم الأمر مع مهاجمة المفتي المصري السابق "على جمعه" لإصداره فتوى تدعم الإطاحة بالرئيس "مرسي" ووصف الجنرالات وأنصار الجيش بانهم خوارج، ووصف وزير الدفاع المصري "عبدالفتاح السيسي" بالخائن وسيعاقبه الله في الدنيا قبل الآخرة.
وأثار موقف "القرضاوي" تجاه مصر موجات من الإنتقاد اللاذعة، معتبرين فتواه نشرا للفتنة والفوضى بين المسلمين، حتى أن نجله "عبدالرحمن" انتقد موقف والده في أحد الصحف المصرية.
وطبقا للخبير الأمريكى..من المؤكد أن دعوة "القرضاوي" للجهاد في مصر أثرت كثيرا بالسلب على شعبيته بين السكان المحليين الذين يدعمون بقوة الجيش المصري. وبالنسبة لواشنطن ومتابعي "القرضاوي" فإن فتواه توضح موقف قطر من ما يحدث بمصر.
الجدير بالذكر، أن القرضاوي عمد خلال العقود الماضية إلى تكييف الفتاوي والأحكام الدينية طبقا لاقترابه من الحكام، وعرف عنه صناعة الفتوي على موائد الملوك والرؤساء والأمراء، واتضح ذلك بقوة مع بداية اندلاع ثورات الربيع العربي والتي كانت شراراتها الأولى من تونس في يناير من العام 2011، وهاجم الداعية الإسلامي حينها الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن على، وأعلن أنه عدو للإسلام كونه يعمل بمنشور يحرم الحجاب في مؤسسات الدولة وبارك خروج الشعب عليها، والمفارقة أن القرضاوي كان قبلها بأشهر قليلة في زيارة إلى تونس وقام بالدعاء من فوق منبر مسجد الزيتونة لـ"بن على" راجيا له حينها التوفيق والرخاء داخل أركان حكمه.
ولما يكن موقف القرضاوي مختلفا تجاه النظام السوري حيث ظل يصف ثورة السوريين بالغوغائية والثوار بالعناصر المحرضة على هدم كيان الدولة، وكان ذلك تماشيا مع سياسة قطر حينها والتي كان أميرها السابق يجمعه علاقات ود مع الرئيس السوري بشار الأسد، حتى أعلنت الدوحة الحرب على دمشق وحينها طالب القرضاوي بإعلان النفير العام ضد نظام بشار.