رئيس التحرير
عصام كامل

مورستان رسمى


عندما يقوم شعب بثورة ضد نظام فاسد يكون من أهم ما يفعله من تصل بهم الثورة إلى الحكم هو القضاء على الفساد، وحتى عندما تصل الثورة بفريق لم يكن هو المنتظر أو استطاع سرقتها بسبب عدم وجود قيادة للثورة، أو بسبب ضعف الأحزاب الأخرى التى رفعت الثورة شعاراتها رغم أن الثوار لم يكونوا كلهم منها، أو بسبب تآمر الحكام المؤقتين مع هذا النظام الجديد حتى فى هذه الحالة يكون من الطبيعى للنظام الجديد ألا يكشف عن كل أوراقه السيئة بسرعة، فهذه الأوراق السيئة ستكون هى أوراق النظام السابق نفسها وستكون مثار سخرية من الثوار وستكون سببا فى استمرار الثورة، النظام الجديد فى مصر هو نظام جماعة الإخوان المسلمين التى سرقت الثورة والتى أيضا حملها الثوار إلى النور ثم إلى الحكم نكاية فى المرشح الرئاسى المنافس للرئيس الحالى أعنى الفريق أحمد شفيق الذى كان عند الكثيرين من الثوار ممثلا للنظام العسكرى القديم، باختصار استبدل الثوار الذين كانت أصواتهم للدكتور مرسى أكثر من أصوات عشيرته، استبدلوا الدكتاتورية العسكرية بأخرى دينية، وفوجئ الجميع بعد ذلك بأن كل برنامج السيد الرئيس كان وهما، وكل أحاديثه فى الحقيقية أخذها الغراب وطار!! ولن أعيد ما قاله الرئيس أو أفنده فالأمر معروف للجميع، لكن ما يدهشنى هو الحكومة التى تجمع بين الإخوان والفلول والتى تصر على برنامج النظام القديم  فى كل شىء: تعيين المحافظين من رجال الجيش والبوليس ورجالهم من الإخوان  المسلمين، الاستدانة من صندوق النقد وسائر البلاد بقدر ما تستطيع، والمثل الثانى هو الذى يثيرنى اليوم، فما تقوله هذه الحكومة لنا ليل نهار هو أننا فى ورطة اقتصادية حتى لو لم تقل ذلك!!


ويكفى يوم أن عقد رئيس الوزراء مؤتمرا صحفيا يطمئننا فيه على الوضع الاقتصادى وسعر الدولار يرتفع وهو يتكلم.. وفى الوقت الذى تفتح هذه الحكومة يديها للاستدانة من الدول الأخرى وتتباهى بنجاحها فى ذلك ترى أن الشعب لابد أن يساهم بتحمل الفقر وتحمل الغلاء، والأكثر من ذلك تحول له سلع أساسية إلى كوبونات وطوابير وتستخدم نفس مصطلحات أحمد نظيف.

بطاقة ذكية لكل مواطن وصلت إلى درجة أن يكون الخبز بها، وأنه سيصرف لكل شخص ثلاثة أرغفة بالبطاقة الذكية، الخبز الذى كان على طول التاريخ فى الطريق سيكون ببطاقة ذكية، ناهيك طبعا عن أنبوبة البوتاجاز من قبل، وعن وقود السيارات فيما بعد.

بطاقة ذكية لثلاثة أرغفة وكأن مصر فى حالة حرب  مثل إنجلترا فى الحرب العالمية الثانية، قرأت ذلك فى الصحف وغلبنى الضحك، أى غباء هذا؟! ومن الذى سيجد الوقت أو سيكون قادرا على فقد كرامته ليستخدم بطاقة ذكية للحصول على ثلاثة أرغفة، وحتى دون بطاقة ذكية من ستسمح له كرامته أن يحمل أى بطاقة ليأخذ بها ثلاثة أرغفة فى اليوم الواحد؟! وإذا كان متوسطو الدخل يستطيعون قضاء يومهم بثلاثة أرغفة باعتبار أنهم يستطيعون أكل الأرز والمكرونة فهل سيكتفى الفقير بالثلاثة أرغفة وهو تقريبا لا يأكل إلا الخبز؟!!  قد يكفيه رغيف صباحا لكن هل سيكفيه غداء وعشاء؟! أنا فى الحقيقة فى ذهول من هذا التفكير الذى هو الغباء المطلق.. اعذرونى لا أجد تعبيرا غير هذا، وأسالكم هل تذكرون أول من أحرق نفسه مثل البوعزيزى قبل الثورة أمام مجلس الشعب؟ المواطن الذى كان من القنطرة شرق وكانوا يصرفون للمواطنين هناك ثلاثة أرغفة كل يوم بالبطاقة، يعنى حتى الفكرة والعدد من عصر مبارك!! وطبعا الذى قنن هذه المسألة قال فى نفسه إن عائل الأسرة سيكون لديه أكثر من ابن وابنة وبينهم أطفال قد لا يأكلون الأرغفة الثلاثة، ومن ثم سيجد الأب والأم ما يأكلانه من خبز أولادهم!! فى أى بلد نحن وفى أى عصر وما نوع هؤلاء البشر الذين يفكرون للوطن؟! فى الحقيقة لقد صرنا فى مورستان ولا أقل، مورستان رسمى كمان.
نقلا عن جريدة فيتو

الجريدة الرسمية