عبد الفتاح مصطفى.. الصوفى الرومانسى! ( 2 )
..ولم يكن فيلم الشيماء أول أشعار عبد الفتاح مصطفي الدينية.. بل سبقه قبلها بعامين أي عام 70 عندما اختاره ملك الواقعية المصرية صلاح أبو سيف ليكتب أشعار فيلم "فجر الإسلام"، وخصوصا أغنية الختام الرائعة "إلي رحاب اليثرب"، حيث يقول فيها: "إلي رحاب اليثرب.. إلي ضياء الكوكب.. إلي الزكي الطيب.. إلي النبي.. نفر بالروح من الضلال.. وغير وجه الحق لا نبالي.. وهونوا بالله كل غالي.. من جيرة وصحبة وآل.." ثم يضيف: "سعيا إلي نور النبي الهادي.. والرحمة الكبري علي العبادي.. ومن يعادي الله فليعادي.. صبرا جميلا يا أخا الجهادي"، حتي يقول: "ربنا أنت الأحد.. باسمك الجمع اتحد.. وعدك الحق وهذا يومنا والجد جد.." ثم يكمل: "سنري الفجر القريب.. من دجي الليل العصيب.. وبأيدينا سنرمي.. ويد الله تصيب.. هذه الأمة قوة.. من صفاء وأخوة.. وإن تحداها عدو.. راح في أظلم كوة.. كلنا يبغي شهادة.. في يقين وإرادة.. نحن نمضي للسعادة.. انتصارا أو شهادة"!
بعدها بسنوات يشترك عبد الفتاح مصطفي في عملين دينيين كبيرين خالدين رائعين.. الأول يكتب أشعاره فقط وهو "علي هامش السيرة" عن قصة طه حسين.. والثاني يكتبه كله بالسيناريو والحوار والأغاني وهو "محمد رسول الله"، وكلنا يتذكر الأداء المبهر لياسمين الخيام في أداء أغانيهما!
يقول في تتر النهاية في "علي هامش السيرة": "أنت فينا يا رسول الله.. بالهدي القويم.. دعوة تنطق باسم الله.. بالذكر الحكيم.."، ويقول: "أسوة للناس بالحسني.. وبالخلق العظيم.. سيرة موصولة الأمجاد.."، وفي "محمد رسول الله كلنا نتذكر تتر المقدمة الذي يقول: "دعوة ابراهيم.. ونبوءة موسي.. ترنيمة داوود.. وبشارة عيسي.."، وكانت الألحان كلها من أروع ما لحن جمال سلامة في تاريخه..
عبد الفتاح مصطفي قيمة كبيرة جدا.. ورحيله المبكر نسبيا في بداية الثمانينيات حرمنا من عطائه المتميز النادر.. إلا أنه كان قد أنجز الكثير والكثير.. ممن فشل غيره في اللحاق به أو الوصول إليه رغم إمكانياتهم الكبيرة وإسهامهم الواسع مثل عبد السلام أمين ويس الفيل ومحمد التهامي وغيرهم..
عبد الفتاح مصطفي وازن عطاءه بين الديني والوطني والعاطفي.. وأمتعنا في كل ما أعطي وقدم.. وما قدمه موجود.. في دواوينه وأشعاره وهي تستحق القراءة.. وأغانيه وأوبريتاته وكل أعماله وهي تستحق إعادة المشاهدة والاستماع.. وهي أيضا تستحق رصدها من جديد وتقييمها تقييما جديدا يعيد إليها حقها ويعيده لصاحبها.. المبدع والشاعر الصوفي الكبير والرومانسي الحالم.. العاشق بكل تأكيد يوما.. والعاشق لوطنه دوما.. رحمه الله..