رئيس التحرير
عصام كامل

السحابة السوداء وحرق قش الأرز‏


كانت لى تجربة صعبة لن أنساها السنة الماضية مع دخان قش الأرز، كنت على طريق المنصورة فى اتجاه الزقازيق وقبل مدينة السنبلاوين رأيت دخانا يتصاعد بلون أبيض كثيف وأنا على سرعة 80 كم، وما إن دخلت بسرعتى فى نطاقه إلا وانعدمت الرؤية وانعدم الهواء ولم أستطع أن أرى أين أنا ومن أمامى ومن خلفى وأنا بسرعتى المذكورة وللأسف انقطع الهواء والتنفس وكأننى أمشى وسط سحاب السماء الأبيض الثلجى، حتى شعرت بانتهاء حتمى للحياة وما كان عليا إلا أن أسير وأنا لا أعلم إلى أين أتجه خوفا من اصطدام القادمين من الخلف فى سيارتى واستمر ذلك لمدة 3 دقائق داخل سحابة بيضاء ولكنها على الأرض.


خرجت من سحابة الدخان ووقفت على الجانب الأيمن من الطريق وأالتقطت أنفاسى وأول ما فعلت أننى اتصلت برقم البلاغات البيئية وكانت الصدمة الكبرى أن التليفون لا يرد واتصلت بشرطة النجدة ولم ترد أيضا وبعد تكرار الاتصال رد عليا أحد الاختيارات بالكوارث البيئية والتى لها بند فى الهاتف يقوم المتصل باختياره وأدليت له بالكارثة وكان رده فى غاية الألم "كل سنة وانت طيب أصله موسم".

كنت فى غاية الأسى، فبعدما شعرت به من 3 دقائق من اختناق جاء الموظف ليزيد اختناقى ولم أستطع أن أفعل شيئا للحفاظ على القادمين من الاتجاهين لمنع حوادث حتمية لانعدام الرؤية تماما لمدى رؤية لا يزيد على مقدمة السيارة.

كل عام وفى هذا الوقت يبدأ موسم حرق 4 ملايين طن من القش، تحرق فى الحقول والذى يساهم فى تلوث خانق للجميع، فبعد عوادم مصانع الطوب والمسابك والمصانع وحرق القمامة وعوادم سيارات تبلغ 45 مليون سيارة تتركز منها 23 مليون سيارة فى القاهرة الكبرى، نجد حرق القش علنا دون رادع وللأسف تتكرر هذه الظاهرة كل عام.

لا يمكن تصور حجم المعاناة التى يعانيها المجتمع من جراء هذا العمل الذى يقتل المصريين سنويا بالآلاف وعذاب المرضى الذين لا يستطيعون التنفس من الأساس فى الظروف العادية فما بالنا بهذه الظروف.

إلى متى سنظل عاجزين عن علاج هذه الكارثة؟ سؤال يتكرر كل عام فى نفس التوقيت دون مجيب !
الجريدة الرسمية