رئيس التحرير
عصام كامل

إسلاموفوبيا


ضحك وهو يسخر من صديقه وهواجسه وقال له: عليك أن تتخلص من الإسلاموفوبيا التي أنت مريض بها.. وبينما هو مستغرق في الضحك كانت طائرة كبيرة تقترب من نافذة مكتبه في مركز التجارة العالمي.. تظلم الشاشة ويكتب عليها ١١ سبتمبر ٢٠٠١..


كثيرًا ما أردت أن أضع هذه المزحة في فيلم بمناسبة كل من يتحدثون عن الخوف من التيارات الإسلامية الأصولية باعتباره مرض.. أو يدافعون بأن الإخوان لم يكونوا بهذا السوء.. وتحديدا اليساريين عشاق كريس هارمن ( الاشتراكيين الثوريين تحديدًا ) الذي أوصاهم وهو يجلس في بار ما في انجلترا يحتسي "الجينيس" بحرية تامة بأن يتحالفوا مع التيارات المتطرفة تحالفا جزئيا لتشابه هدفهم في هزيمة الإمبريالية العالمية حتى وإن اختلفوا في كل شىء آخر..

جاء في ذهني هذا المشهد من جديد حين قرأت عن هجوم الإخوان على ندوة الدكتور علاء الأسواني في معهد العالم العربي في باريس ومحاولتهم تحطيم القاعة دفاعًا عن "الشرعية".. وهو ليس الحدث الأول دوليًا بعد فعل مشابه لهم مع عازفي دار الأوبرا المصرية في لندن ومعي أنا والوفد المصري في مهرجان مالمو والذي كتبت عنه سابقًا..

مبدئيًا في الطب، الفوبيا هي الخوف المبالغ منه من شىء ليس ضارًا أو ضرره ليس موجودا، كأن تخاف الأماكن المرتفعة أو ما إلى ذلك.. ولكن الحماقة بعينها هي أن يتهمك الناس بأنك مغرق في الخوف من التيار الأصولي بينما ترجم سيدة في باكستان لاقتنائها تليفونًا محمولا أو تضرب أخرى بالرصاص لرغبتها في التعليم أو يأتيك محافظا لمدينة شخص قيادي في تنظيم إرهابي ارتكب مذبحة في نفس المدينة.. أو أن يظهر لك على شاشات التلفاز عبد المنعم الشحات.. دون أن يتحدث هذا تحديدا يكفي وجهه.. كفانا وجهه "السمح" لنتأكد أننا نخاف من هؤلاء الأصوليين الكيوت اللطاف الذين لا يرغبون في شىء سوى تغيير كل ما نحن نحيا عليه ونؤمن به..

مبدئيا، من يتهم شخص يحيا في العالم العربي بما يقترفه التيار الأصولي في مصر وتونس وغيرها حاليًا بالإسلاموفوبيا كمن يتهم شخصا يعمل في مستعمرة للجزام ويغسل يده كثيرًا بأنه مصاب بوسواس قهري..

"هم مثلك يريدون قهر الإمبريالية.. تحاور معهم.. التضحيات مهمة للهدف الأسمى.. ومش من أولوياتنا دلوقتي تلبس إيه وتشرب إيه وتسمع إيه وتقرا إيه ؟ المهم الهدف ولتبدأ في سماع أسخف التبريرات الكونية".

"الإخوان مش تيار عنيف.. هو فيه جزء منهم بس.. مش كل التيار الإسلامي مشترك في العنف اللي بيحصل.. جزء بس من المعتصمين كان معاهم سلاح.. وطبعًا أسطورة: فيهم ناس مثقفين قابلين للحوار زي البلتاجي.. ( كابتن هو مش البلتاجي ده كان من اللي رفعوا قضية نصر حامد أبو زيد ؟ ).. ما علينا".

المهم عليك أن تستمع بأنك إنسان متحضر لا تخشى الأصولية والتطرف وتستمتع بينما هذا المتطرف الجميل الكيوت يرفع عليك سلاحًا أو يكفرك أو يحطم قاعة ندوات بسلمية.. حتى لا تتهم بالإسلاموفوبيا..
الجريدة الرسمية