أزمة الديون الأمريكية في عيون الخبراء.. «التطاوي»: الأزمة تحتاج حلولًا جذرية.. «الفقي»: القرار أنقذ الخزينة الأمريكية من الانهيار.. «الشربيني»: انفراجة ديون البيت الأبيض
توصل قادة الكونجرس الأمريكي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، إلى حل مؤقت بشأن الميزانية ورفع سقف الدين بعدما أعلن كل طرف عن تفاؤله في إمكانية التوصل لاتفاق خلال ساعات قبل انتهاء المهلة.
ويرى عدد من خبراء الاقتصاد، أن قرار الكونجرس يعتبر حلًا مؤقتًا، ولكن الأزمة مازالت قائمة، مؤكدين أن القرار جاء سريعًا لمواجهة احتمال اتجاه مؤسسة "فيتش" لتخفيض التصنيف الائتماني لأمريكا.
وفى هذا الصدد، قال الدكتور فخري الفقي، الخبير الاقتصادي، إن توصل مجلس الشيوخ الأمريكي إلى اتفاق لتفادي التخلف عن سداد الديون، بعد التحذيرات التي أطلقتها مؤسسة "فيتش" بخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة هو حل للمشكلة بشكل مؤقت.
وأشار إلى أن المشكلة لا تزال قائمة، موضحا أن "الكونجرس" لا يزال متمسكا بضروة أن يخفض الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" عجز الموازنة والتي قد تصل إلى 16 تريليون دولار.
وأضاف "الفقي" أن ما توصل إليه الديمقراطيون والجمهوريون، أنقذ الخزينة الأمريكية من الانهيار خلال الساعات القادمة، موضحا أن رفع سقف الديون حتى 15 يناير ثم إلى 7 فبراير هو حل جزئي لتيسير أعمال الحكومة الفيدرالية، لافتًا إلى أن الحكومة الأمريكية تقر الموازنة الجديدة بنهاية سبتمبر وتبدأ العمل بها أول أكتوبر من كل عام.
وتابع: أنه ستبدأ جولة جديدة من المفاوضات لإرضاء جميع الأطراف الجمهوريين والديمقراطيين الذين سيضعون في اعتبارهم التزام الولايات المتحدة الأمريكية بسداد 350 مليار دولار فوائد سنوية على أذون وسندات الخزانة الحكومية.
لافتًا إلى أنه على الرغم من حالة الانهيار التي يمر بها الاقتصاد الأمريكي إلا أن التصنيف الائتماني لم ينخفض سوى نقطة واحدة فقط حيث يستحوذ الاقتصاد الأمريكي على 1/5 الاقتصاد العالمي وهو قادر على الإنتاج والوفاء بالتزاماته تجاه المودعين.
وحول موقف دول العالم الثالث ومصر من الأزمة الأمريكية، قال الفقي: إن العالم لايزال في حالة ترقب قصوى لما ستسفر عنه الأزمة التي ستظل نحو 4 أشهر حتى يتوصل الكونجرس الأمريكي لحل نهائي للأزمة يضمن وفاء الدولة الأمريكية بالتزاماتها تجاه فوائد السندات.. موضحا أنه في حالة عدم قدرة الدولة الأمريكية على الخروج من الأزمة فإن الذهب سيرتفع بشكل جنوني لا يمكن الحد منه كما أن العملة الأمريكية ستنهار بشكل سريع أمام العملات الأخرى.
وقال: إن دول الخليج لديها ودائع وسندات حكومية لدى الولايات المتحدة تقدر بتريليونات الدولارات لا يمكن سحبها كما أن الدولة المصرية لديها سندات لدى الحكومة الأمريكية يمكن أن تنهار إذا ما استمرت الأزمة الأمريكية وتفاقمت بعد انتهاء فترة الشهور الأربعة التي رفع الديمقراطيون والجمهوريون سقف الدين إليها.
وفى سياق متصل، قالت الدكتورة نوال التطاوي وزيرة الاقتصاد سابقا، إن الولايات المتحدة لجأت إلى الحل الوقتي لمعالجة أزمة الديون، بموافقة الكونجرس على رفع سقف الدين حتى فبراير المقبل.
وأضافت أن قرار رفع سقف الدين كان متوقعًا ولم يكن له بديل آخر، ولكن لابد أن يكون هناك حل طويل الأجل وجذري لهذه الأزمة عن طريق البحث عن بدائل لمعالجة عجز الموازنة أو اتخاذ إجراءات تقشفية.
وأشارت "التطاوي" إلى أن الولايات المتحدة اتخذت هذا الحل الوقتي لأنها تعتمد على قوة الدولار الأمريكي باعتباره العملة الاحتياطية الأولى في العالم، وبالتالى لا توجد مخاوف بشأن التخلص منها.
وأوضحت أن أمريكا تعلم جيدًا أن الدول والحكومات ستستمر في شراء سندات الخزانة الأمريكية رغم كل ما يتردد حول أزمة الديون.
ولفتت إلى أن الكونجرس أسرع لاتخاذ هذا الحل الوقتي لمواجهة احتمال اتجاه فيتش لتخفيض التصنيف الائتماني لأمريكا، ولكن استمرار عجز الموزانة وعدم وجود حلول جذرية قد يعرضها لتخفيض التصنيف بعد انتهاء مدة رفع سقف الدين حتى فبراير المقبل.
وفى السياق ذاته، أكدت نائب مدير عام إدارة التطابق والالتزام بأحد البنوك العامة، ليلى الشربينى، أن موافقة الكونجرس الأمريكى على رفع سقف الدين كانت متوقعة، في ظل تصريحات مؤسسة "فيتش" عن أن التصنيف الائتمانى الممتاز للولايات المتحدة أصبح مهددًا.
وأضافت: أن مشكلة الديون الحكومية الأمريكية، رغم كونها أزمة اقتصادية بحتة؛ فإن ما يحدث من خلاف بين الكونجرس والحكومة حول ضرورة رفع سقف الدين ينطوى على أبعاد سياسية.
وأشارت إلى أن ما يتردد حول هذا الخلاف بوسائل الإعلام، تسعى الإدارة الأمريكية إلى تحقيق أهداف أخرى من خلاله أبرزها الامتناع عن منح بعض المعونات الأمريكية للدول الأخرى.
وأكدت أن السياسة الأمريكية تهدف إلى تقليص المعونات الممنوحة منها، وقد بدأت بالفعل تطبيقها مع بعض الدول، وتوقعت أن تتأثر بعض البنوك التي تستثمر أموالها في أدوات الدين الأمريكية من جراء الأزمة الراهنة.