رئيس التحرير
عصام كامل

الدكتور نبيل السمالوطي "أستاذ علم الاجتماع السياسي" لـ"فيتو": جامعات مصر غير مؤهلة لتخريج زعماء.. ويجب فرض عقوبات على العمل السياسي داخلها.. الصراعات السياسية أثرت سلبا على التعليم

فيتو

أكد الدكتور نبيل السمالوطي، أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة الأزهر، أنه لا ينبغي ممارسة السياسة بمعناها الحزبي داخل الحرم الجامعي، مضيفا: "لابد من تجريم وتحريم التظاهر وحمل السلاح داخل الجامعة".


وشدد على ضرورة فرض عقوبة رادعة على رءوس الفتنة حتى لا تتم صناعة جماعات مسلحة داخل الجامعات كما حدث في عهد السادات، مؤكدا أنه يجب غرس مفهوم المواطنة، وأن الجامعات الرسمية الآن افتقدت كثيرا من أولوياتها وهي الأنشطة، وتواصل الأساتذة مع الطلاب واحتضانهم كي تخرج الجامعة زعماء وطنيين لا زعماء حزبيين.

وأضاف: "الوطن الآن على شفا جرف هار ولا تحتمل الجامعات فيه الصراعات الحزبية الباحثة عن مصالحها الشخصية، وإنما تحتاج ثقافة وطنية، فالقيادات الفكرية والمهنية هي التي تصنع في الجامعة لا القيادات الحزبية".

تقابلت "فيتو" مع الدكتور نبيل السمالوطي وحاورته.. وإلى نص الحوار:

* هل تؤيد قيام الطلبة بأنشطة سياسية في الجامعات؟

- هذا يتوقف على المفهوم السياسي بمعنى أننا يجب أن نفرق بين السياسة والوطنية والأخيرة هي تدريب الطلبة على حب الوطن وتدريبهم على الاهتمام بقضايا البلد لاسيما أن الجامعة الأصل فيها أن تكون معلمة للوطنية من خلال تعليم الطلاب تعمير الصحراء من خلال العلوم الزراعية، وكذلك العدالة من خلال العلوم الشرعية والقانونية والاجتماعية والصحية أيضا من خلال العلوم الطبية.

هذا إلى جانب المؤتمرات والندوات وجلب المحاضرين لها من المثقفين والعلماء والأدباء والصحفيين والمهتمين بالعمل العام ممن لهم دوافع وطنية وهنا نستطيع أن نقول إننا ربينا طالبا منتميا لله تعالى أولا ثم منتميا لوطنه.


* لكن هناك من يرى أن الجامعات هي صانعة زعماء الغد وقادة المستقبل.. فكيف نمنع أبناءها من التعبير عن رأيهم؟

- الجامعة هي صانعة القيادات الفكرية والمهنية وأيضا الدينية لكنها ليست صانعة القيادات الحزبية، لأن الجامعة مؤسسة تربوية وتعليمية بالأساس، ونحن نؤكد فيها توحيد الثقافة والمعرفة بين الطلاب على اختلاف دياناتهم بل وتوجهاتهم السياسية، حتى نستطيع أن نخرج طالبا يستطيع أن ينفع المجتمع أما إذا تعاملنا مع الطلبة على أساس حزبي سوف نفرق بين الطلاب.

وأنا ليس عندي مانع من انتماءات الطلاب الحزبية لكن داخل الأحزاب وخارج الحرم الجامعي.


* المتأمل للمشهد السياسي المصري عبر تاريخه يجد أن كل الزعماء ورموز العمل الوطني نتاج نشاط سياسي بدءوه في الجامعة.. ما تعليقك؟

- نحن نحتاج في الجامعة أن نبني إنسانا وطنيا قادر على العطاء للبلد وقادرا على مواجهة التحديات لمجتمعه ومقدما للخدمة لأبناء بلده جميعا لا يفرق بين أحد على أساس دينه أو معتقده السياسي ولا نريد للجامعة أن تبني شخصا قاصرا على فكر معين أو أيديولوجيات معينة.
ولذلك عندما نتذكر تاريخيا محمد فريد أو مصطفى كامل أو سعد زغلول هؤلاء لم يتعلموا داخل الجامعة السياسة الحزبية وانما تعلموا الوطنية فاستفادت منهم الامة جميعا.


* من منطلق قاعدة أخف الضررين تحويل الجامعة لمنابر سياسية يضر بالهدف الأساسي لها وهو العلم، من هذا هناك من يرى تجريم اشتغال الطلاب بالسياسة داخل الحرم الجامعي.. ما رأيك؟

- أنا مع غلق وتجريم اشتغال الطلاب بالعمل الحزبي والسياسي من منطلق حزبي أما إذا كان سياسيا بمعنى وطني فهذا شيء جيد لأن الجامعة كما قلنا بيت الوطنية.


* هل ينبغي أن يترك أستاذ الجامعة ميوله السياسية خارج الحرم الجامعي؟

- أستاذ الجامعة الأصل فيه ثلاثة أشياء الأول أنه عالم ينقل المعرفة للطالب وثانيا أنه يمثل قدوة للطلاب في الأخلاق والقيم والمثل العليا ينقلها للطلاب ويكسبها لهم عمليا من خلال ممارساته وعلاقاته الاجتماعية داخل وخارج الحرم الجامعي.
وثالثا هو مرشد وموجه للطلبة ومحتضن لهم وملم بمشاكلهم واحتياجاتهم الاجتماعية والثقافية والفكرية، وإذا كان الأستاذ منتميا لأحزاب سياسية فلا مانع، لكن لا يفرض أو يدعو طلابه لانتماءاته الحزبية ويمارس انتماءه الحزبي خارج الجامعة.


* لكن واقعيا وعمليا يرى البعض " دينيا " أيضا أن أستاذ الجامعة ليس مدرس ابتدائي، ولا يؤدي عملا عضليا.. إنه في النهاية مفكر وصاحب رؤية ومنهج؟

إذا كان الأستاذ الجامعي يدرس الطب مثلا وسئل عن أسئلة دينية وهو عالم بها يجيب فإذا سئل مثلا أستاذ عن الاستنساخ أو نقل الأعضاء أو عن بنوك الأجنة وحفظ السائل المنوي من الناحية الفقهية وهو غير عالم لا يجيب ويوجه الطلبة للعلماء المتخصصين.

* هناك طلبة جامعيون قتلوا في المظاهرات.. كيف نقنع زميل من قتل ألا يلجأ لتعطيل الدراسة بالمظاهرات؟

انا واحد من الناس الذين يقولون اننا في حالة طوارئ وفي مرحلة خطيرة وفي مفترق طرق وانا في رايي الشخصي تمنع المظاهرات داخل الجامعة منعا كاملا بقانون.
ولابد ألا تكون الجامعة مسرحا للعمليات بين الأحزاب ويسوقون الطلبة للعنف وللضغط كي يحصلوا على مكاسب سياسية شخصية وهذه مصيبة كبرى ثانيا تجريم المظاهرات وانزال اشد العقوبات على زعماء الفتنة وعلى الاساتذة والعمداء ورؤساء الجامعات.


* كيف نقف كأساتذة جامعة بشكل قانوني مع طلابنا؟

إذا كانت المسألة خاضعة لاتهام جنائي لا الأستاذ ولا رئيس الجامعة يقدر أن يتدخل نحن كأساتذة يجب أن نعلي من هيبة الدولة وأيضا كآباء أن نوصي القضاء بسرعة الفصل وان تخفف العقوبة وهذا في سلطة القاضي وانادي أن تكون اخف العقوبات مع ايقاف التنفيذ اما إذا عاد الطالب لفعلته تغلظ العقوبة عليه بتنفيذ الحكم الأول الموقف تنفيذه.

* هل تعتقد أن ضعف الأنشطة الطلابية والثقافية بالجامعات بشكل عام أحد أسباب إفراغ الطلاب طاقتهم في أمور سياسية وحزبية؟

- الجامعات الرسمية لا تقوم بدورها التربوي نظرا لكثرة الأعداد والأستاذ نفسه لم يعد إعدادا جيدا في احتضانه لطلبته ولو أن الطالب وثق بأستاذه ولو أن الجامعة قامت بأنشطتها التربوية والفنية والثقافية والرياضية لاستقرت الأمور.

* البعض يرى أن ضعف الأحزاب وقيام بعضها على الورق فقط أو من خلال صحيفة وفضائية فحسب.. أحد أهم أسباب التطرف السياسي لدى بعض طلاب الجامعة.. ما تعليقك؟

أنا أرى أن الأحزاب المصرية كلها أحزاب كارتونية والعمل الحزبي معناه مواصلة العمل الجماهيري بمعنى الجلوس معهم ومعرفة مشاكلهم، أما في الجانب السياسي فيجب تقديم حلول للمشكلات الصحية والغذائية والزراعية والتعليمية من خلال برامج ورؤى واضحة ممكنة التنفيذ على أرض الواقع.

* ما خارطة الطريق التي تقترحها للخروج بعام دراسي ناجح وعلمي؟

- أنا لو كنت رئيس جامعة لكنت عقدت مؤتمرا عاما لطلبة كل كلية على حدة وأتحدث أنا والأساتذة للطلبة كآباء وأنقل إليهم أن الجامعة منوط بها تخريج أناس مهنيين أطباء ومدرسين وقضاة ومهندسين وما إلى ذلك، فالتعليم عمل وطني واي مشكلة خاصة بالجامعة سنتفاهم ونتواصل من أجل وضع حلول لها.

* لو كنت طالبا.. ماذا ستفعل في ظل هذا الجو المشحون بآراء سياسية ملتهبة؟

- كنت أهتم بتحصيل دروسي والتفوق فيها وأشترك مع أساتذتي في أنشطة عامة بعيدة عن نشاط الأحزاب والجماعات، وأحرص على التخرج بتفوق وإن كان هناك أحزاب رسمية وشرعية تتفق وميولي السياسية.
الجريدة الرسمية