رئيس التحرير
عصام كامل

مصر تنتظر كارثة "الألتراس".. جمهور "المتعصبين" يكره الداخلية ويعشق الملاعب ولا يخشى التهديد.. المجر شهدت تشكيل أولى الروابط فى العالم.. وتونس الأولى فى أفريقيا

قطع الألتراس لكوبرى
قطع الألتراس لكوبرى أكتوبر

ساعات قليلة تفصلنا عن جلسة النطق بالحكم فى مجزرة استاد بورسعيد المقرر لها السبت 26/1، ومعها يعيش شعب مصر حالة من القلق الممزوج بالخوف من رد فعل عنيف قد تصدر عن أحد الطرفين سواء ألتراس الأهلى أو جماهير بورسعيد.


ولم تكن مصر كلها تعرف الكثير عن الألتراس.. فهم الفئة غفيرة الأعداد مرتفعة الصوت، تحضر كل المباريات ولا تنسى قبل المغادرة أن تفتعل أزمة مع الشرطة.. وبعد كارثة مذبحة بورسعيد استيقظ المصريون على كابوس جعلهم طواقون لمعرفة أدق التفاصيل عن الألتراس وحياتهم وأسلوب تفكيرهم ومدى الخطورة المتوقعة منهم.. كل ذلك إلى جانب تعاطف شديد معهم من جانب الشعب عقب الحادث، وهو التعاطف الذى لم يلاقيه جماهير الألتراس عبر التاريخ فى كل أنحاء العالم من قبل.

"الألتراس".. هى كلمة لاتينية الأصل تعنى علميا "الأمر المطلق" أو "الشىء الفائق أو الزائد"، إلا أن مشجعى الكرة يعرفونها بأنها عبارة تدل على المجموعات (أشبه بالتنظيمات السرية)، التى تعرف بانتمائها وولائها الشديد لفرقها وتتواجد فى المدرجات لتصنع لوحات من الإبداع من خلال استعراض الألوان والأعلام والأهازيج.

أحدثت ظاهرة الألتراس ثورة فى عالم التشجيع الرياضى، حيث تميل هذه المجموعات إلى استخدام الألعاب النارية أو "الشماريخ" كما يطلق عليها فى دول شمال أفريقيا، والغناء وترديد الهتافات الحماسية لدعم فرقها بما يضفى البهجة والحماسة على المباريات الرياضية وخاصة كرة القدم، ويقوم أفرادها وعناصرها بتوجيه الرسائل إلى اللاعبين.

وتتواجد الألتراس بشكل أكبر بين محبى الرياضة فى أوربا وأمريكا الجنوبية وحديثا فى دول شمال أفريقيا.

ويعود تاريخ تأسيس أول مجموعة ألتراس إلى المجر عندما قام مناصرو نادى نرنسفاروش بتأسيس رابطة للمشجعين فى عام 1929.. لتنقل المسألة بعد ذلك إلى أمريكا الجنوبية عبر بوابة البرازيل حيث نشأت أول "ألتراس" باسم "تورسيدا" فى مطلع أربعينيات القرن الماضى.

بعدها توالى ظهور "الألتراس" فى قارة أوربا عبر جماهير نادى "هايدوك سبليت" اليوغسلافى عام 1950، وجماهير تورينو فى إيطاليا لكن بشكل أكثر تنظيما، ويعود الفضل فى إدخال ثقافة "الألتراس" إلى فرنسا إلى جماهير مرسيليا عبر "ألتراس كوماندو أولمبيك مرسيليا".

وعلى الصعيد العربى ظهرت "الألتراس" فى تونس عام 1995 عبر "الأفريكان وينرز" للنادى الأفريقى بعد أن استمرت فى مساندة الفريق رغم النتائج السيئة وتعد تونس الأبرز عربيا على صعيد "الألتراس" لتنتشر بعد ذلك الظاهرة فى مدرجات شمال أفريقيا مع بداية الألفية الحالية وتدخل مصر عام 2007 عن طريق تشكيل رابطة ألتراس أهلاوى.

وكانت الريادة فى إدخال عقلية "الألتراس" إلى عرب آسيا لجماهير الوحدات الأردنى عبر "ألتراس جرينز" عام 2008، ورغم عمرها القصير إلا أنها خطت خطوات كبيرة ساهمت بنقل التجربة لجمهور الكرامة السورى من خلال رابطة "بلو صن"، بل حتى أثمر تعاون جماهير الوحدات مع جماهير نادى شباب الخليل عن ولادة أول "ألتراس" فى فلسطين وهى رابطة "ألتراس خليلى"، فى حين مازالت المدرجات الخليجية خالية من هذه المجموعات وإن كانت هناك محاولات لكنها لم تر النور بشكل رسمى بعد.

ويؤمن الألتراس فى مصر والعالم بالحرية التى يتنفسها ويتحسسها مع كل خطوة ويرفض أن تحاصره وصاية من أى نوع حتى من قبل إدارات النوادى التى يعشقها، وهى حرية يتخللها حماس يبدو زائدا فى بعض الأحيان لكنه مخلص فى النهاية لقضيته دون أن يخرج فى أى حال من الأحوال عن القانون والإطار المألوف وعن مبادئ الألتراس، وفى المقابل فإن بعض هذه المجموعات تسلك أحيانا طرقا قاسية فى التشجيع خصوصا إذا كانت الفرق المتبارية تملك قاعدة جماهيرية كبرى حيث ينجرف البعض إلى استفزاز جماهير الخصم بما يستتبع من رد فعل عنيف من الطرف الآخر.

وفى مصر.. فإن مطالب الألتراس لم تعد تقتصر على المطالبة بالقصاص لشهداء مجزرة بورسعيد بل باتت تدعو كذلك لتطهير مؤسسات الدولة من الفساد وإعادة هيكلة وزارة الداخلية وتعديل الدستور الجديد، وبالطبع لم ينس الألتراس المصرى مثله مثل باقى جماهير الألتراس فى العالم، ثأره التاريخى مع وزارة الداخلية، حتى إن روابط الألتراس الانجليزية تكتب كلمة فى جرافيتى ولوحات تحملها فى المباريات تقول فيها " All Cops "Are Bastards أى "كل رجال الشرطة أوغاد".
الجريدة الرسمية