الأنظمة الحاكمة تعلن الحرب على المنظمات الحقوقية.. عبد الحفيظ: الهجوم عليها نوع من التسلية.. أميمة الشريف: كشفت فساد فلول الوطني وانتهاكات الإخوان.. البدوي: دورها الرقابي وضعها تحت مقصلة الحكومات
يتوالى الهجوم على منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان، فرغم تعاقب الحكومات واختلاف سياستها إلا أنها اتفقت جميعا على معاداة المنظمات الحقوقية إما لأسباب ترى أنها حقيقة وإما لأن هذه المنظمات تكشف انتهاكات حقوق الإنسان التي تتم، والسؤال الذي يطرح نفسه ما أسباب هذه الهجمات التي يشنها أي نظام حاكم على تلك المنظمات وهل تجدي نفعا؟.
قال المحامى والناشط الحقوقي أحمد عبد الحفيظ، نائب رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن مشاكل منظمات المجتمع المدني نابعة من أن الدولة والمجتمع ليس لديهم سياسة عامة متفق عليها في أي مجال من المجالات، فأصبحت ردود الأفعال تجاه أي ظاهرة أو أي حدث ليست ذاتية سواء من الفرد أو المؤسسة "حزبية أو غير حزبية".
وأضاف عبد الحفيظ أن الهجوم على منظمات المجتمع المدني أصبحت عملية موسمية ففي حالة الخلاف مع أمريكا نهاجم منظمات حقوق الإنسان وعندما نتفق معها "نسكت" وهكذا، فمهاجمة منظمات المجتمع المدني أصبح نوعا من تسلية الوقت والفراغ وليس له منهج حقيقي، قائلا: "ودا حالنا وهيفضل حالنا بكل أسف حتى نجد الطريق الصحيح الذي نتبعه".
وأشار عبدالحفيظ إلى أن عملية تمويل منظمات المجتمع المدني لا يمكن إنكاره، فـ 90% من المنظمات مسجل في أوراقها وعلى مواقعها الإلكترونية مصادر تمويلها، مؤكدا أن الكثير من المشاريع التي تقوم بها منظمات المجتمع المدنى يفتتحها وزراء ومسئولون على مستويات متعددة.
وأكد عبدالحفيظ أن الهجمة التي يتم شنها الآن على منظمات المجتمع المدنى سببها الرئيسى العلاقات المتوترة الآن مع أمريكا، لذلك يتم البحث عن أي شيء له علاقة أجنبية سواء تمويل أو غيره ويتم إقحامه في الهجوم، قائلا: "الدولة نفسها مرة تهاجم المنظمات ومرة أخرى نجدها تستعين بهم في المجالس الحقوقية وفى لجنة تعديل الدستور".
وأوضح عبدالحفيظ أنه بالرغم من وجود رجال أعمال لهم علاقات تجارية بأمريكا إلا أننا لا نجد من يستطيع مهاجمتهم بعكس منظمات المجتمع المدنى، قائلا: "المنظمات الحقوقية هي اللي كلامها أحيانا بيوجع الدماغ وهى اللى بتكشف انتهاكات حقوق الإنسان".
من جانبه، قال المحامى محمود البدوى، رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، إن الهجمة الشرسة التي تشن على منظمات المجتمع المدنى ليست جديدة، فقد كان هناك الهجوم يمارس على منظمات المجتمع المدنى في عهد نظام مبارك لأنها كانت تؤدى دورها في التوعية بالحقوق السياسية الخاصة بالمواطنين وهى التي كانت تؤرق النظام الأسبق والذي كان يرى أنها تدعو إلى مزيد من الحرية في ظل الدولة القمعية.
وأضاف البدوى أنه عقب نظام مبارك كانت منظمات المجتمع المدنى تلعب دورا كبيرا في المراقبة وتحليل بعض السياسات الحكومية التي كانت تشتمل على العديد من الأخطاء وخاصة في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي وقبل الإخوان أيضا خلال حكم المجلس العسكري وجدنا أن هناك ملاحقات أمنية لكثير من رواد هذا المجتمع المدنى ووجدنا الزج ببعض الأسماء في قضية منظمات المجتمع المدنى الأجنبية وليست المصرية.
واستطرد: "وطبعا هناك الكثير لم يكن يدرك الفرق بينه وبين منظمات المجتمع المدنى، التي تعمل تحت سمع وبصر الدولة وتحت إشراف وزارة الشئون الاجتماعية ولكن تم تسخير حملة إعلامية شرسة ضد هذه المنظمات بالكامل دونما إجراء أي قراءة صحيحة للموقف، فوجدنا أن هناك خلطا وأصبح المواطن البسيط في الشارع لا يعلم الحقيقة وأن هذه الأموال تأتى بموجب اتفاقيات وتصاريح.
وتابع البدوى: أرى أنه بعد 30 يوليو هناك قنوات فضائية وإعلاميون دأبوا على توجيه سهام النقد غير البناء لكثير من المنظمات وكان هناك تعميم دونما إجراء فرز لدور هذه المنظمات، ورغم أن بعض هذه المنظمات كان لها مواقف رمادية إلا أن السواد الأعظم له اتجاه واضح وهو الوقوف مع مصلحة الوطن، قائلا: "أي شيء فيه الصالح والطالح وفكرة التعميم ظلم".
من جهتها قالت الناشطة الحقوقية أميمة الشريف، رئيس مركز الوعى العربى: طوال الوقت هناك هجمة شرسة موجهة لمنظمات المجتمع المدنى منذ عهد نظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك لأنها كانت تقوم بدور في التوعية وجذب الشباب والمرأة للمشاركة السياسية وفى كشف الفساد.
وأضافت الشريف أنه مجرد أن بدأت تهدأ الأمور بعد ثورة يناير بدأنا نتعرض لهجمة شرسة بسبب التمويل الأجنبى، وازدات حدتها أثناء حكم الإخوان، وكانت هي الفزاعة التي استخدمها النظام كلما استشعر بالخطر.
وأكدت الشريف أن فلول النظامين السابقين يشنون هذه الهجمة على كل من يتكلم كلمة حق وعلى كل من يحاول كشف الفساد ويرسى مبادئ حقوق الإنسان في الوطن، موضحة أن المنظمات الحقوقية شأنها شأن أي مؤسسات ربما يكون منها الفاسد ولكن هي من تصدت في الصفوف الأولى لكشف قضايا الفساد وهى من قامت بتوعية جيل بأكمله.