رئيس التحرير
عصام كامل

المهاجرون في ألمانيا يطالبون بتشكيل وزارة خاصة بالاندماج

المهاجرون
المهاجرون

مصطلح "الاندماج" في ألمانيا، إشكالي، وينظر إليه بشكل سلبي، كما يفضل المهاجرون مصطلح المشاركة بدلًا منه، ويطالب باحثون في شئون الهجرة والاندماج بانتهاج سياسة جديدة ويقترحون على الحكومة المقبلة استحداث وزارة خاصة بالاندماج.

يقول كلاوس باديه، الباحث في شئون الاندماج "حين يقول المرء لشخص تعيش عائلته منذ ثلاثة أجيال في ألمانيا، حان الوقت لتندمج، فإن ذلك يعتبر إهانة صريحة". 

قدم العمال المهاجرون إلى ألمانيا من تركيا وإيطاليا وإسبانيا منذ خمسينيات القرن الماضي للعمل، ومنذ ذلك الحين تعتبر ألمانيا بلد هجرة؛ والآن خمس سكان ألمانيا أصحاب أصول مهاجرة، لكن رغم ذلك ينظر إلى مصطلح الاندماج بشيء من السلبية، فيرتبط في أذهان الكثيرين بمشاكل وتناقضات عصية على الحل.

وهذه النظرة السلبية للاندماج ربما تعود إلى سياسة الاندماج ووزارة الداخلية، التي ينصب اهتمامها على ضمان الأمن والنظام ومكافحة مخاطر اليسار واليمين والإسلاميين؛ وهي معنية بالاندماج لكنها لا تولي الاهتمام الكافي بتأهيل ذوي الأصول المهاجرة وتسهيل حصولهم على وظيفة مناسبة ومشاركتهم في الحياة الاجتماعية والثقافية بفعالية.

لكن حان الوقت لتغيير هذا الوضع، يقول باديه، وجاء في رسالة مشتركة له مع باحثين آخرين وجهوها لمجلس الاندماج في ألمانيا: "اليوم سياسة الاندماج ليست علاجًا اجتماعيًا لذوي الأصول المهاجرة، وإنما هي سياسة اجتماعية تشاركية موجهة للجميع"، وطالب الموقعون على الرسالة الحكومة الألمانية بسياسة اندماج جديدة.

ويرى هؤلاء الباحثون أن الأولوية يجب أن تكون لإصلاح الدوائر الرسمية المعنية بشئون الاندماج، ويطالبون قبل كل شيء بإنشاء وزارة جديدة تكون معنية بشئون الاندماج من جميع جوانبه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإقامة، فسياسة الاندماج الراهنة في ألمانيا، حسب هؤلاء، تقوم على تشتت الاختصاصات. 

فالدائرة الاتحادية للهجرة واللجوء، التابعة لوزارة الداخلية، مسئولة عن دورات اللغة والاندماج، والتأهيل والعمل من اختصاص وزارة العمل، أما الإقامة فهي من اختصاص وزارة الخارجية.

يقول محمد تاريفردي، رئيس اتحاد جمعيات المهاجرين في ألمانيا: "الجهود التي تبذل غير كافية والمؤسسات والقوانين القائمة لا تلبي حاجة التغير الديموغرافي ولا تتناسب مع متطلبات وحاجة مجتمع المهاجرين الحديث.

فكرة إنشاء وزارة للاندماج ليست جديدة، وتسعى ماريا بومر، مفوضة شئون الاندماج لدى الحكومة الألمانية، لتحقيقها منذ عدة سنوات، بيد أن جهودها لم تكلل بالنجاح، لأن اتفاق الائتلاف الحكومي بين الاتحاد المسيحي والحزب الليبرالي الذي تم توقيعه عام 2009 لم ينص على إنشاء هذه الوزارة.

ويعتقد القائمون على جمعيات المهاجرين، أن الحزب الليبرالي هو الذي رفض إنشاء وزارة للاندماج، وبعد الانتخابات التشريعية الأخيرة باتت الفكرة أقرب إلى التحقيق، فالحزب الليبرالي خسر الانتخابات ولم يعد ممثلًا في البرلمان الاتحادي (بوندستاغ) وبالتالي لن يكون مشاركًا في الحكومة القادمة. 

ويرى محمد تاريفردي أنه يمكن أن تتضمن تشكيلة الحكومة القادمة وزارة للاندماج، لأن الحزبين المرشحين لتشكيل حكومة ائتلافية مع حزب المستشارة ميركل، وهما الاشتراكي والخضر يؤيدان الفكرة.

وسبقت ولايات الحكومة الاتحادية في إنشاء وزارة للاندماج مثل ولاية بادن فوتنبرغ، أو إنشاء دوائر خاصة بالاندماج في إحدى الوزارات، مثلما فعلت ولايات ساكسونيا السفلى وشمال الراين ويستفاليا وهيسن وراينلاند بفالتس.. ومن هنا فإن إنشاء وزارة للاندماج على المستوى الاتحادي أمر ممكن.

وجود وزير للاندماج ضمن تشكيلة الحكومة الألمانية القادمة، سيكون إشارة جيدة، وليس بالضرورة أن يكون ذا أصول مهاجرة، يقول كنان كولات، رئيس الجالية التركية في ألمانيا؛ ويضيف "مناقشة الرأي العام لهذا الموضوع يعتبر أمرًا مهمًا". 

ويرى كولات أن الوزارة الجديدة من الأفضل تسميتها بـ "وزارة المشاركة والاندماج" واستخدام مصطلح المشاركة بدل الاندماج، بما يعني المشاركة في الحياة السياسية والثقافية وكل المجالات الاجتماعية. 

وبالتالي التخلص من كلمة الاندماج الإشكالية، ولكي يتحول الاندماج من مسألة إشكالية إلى موضوع للحديث عن الفرص، يحتاج الأمر إلى أكثر من الإصلاح على المستوى السياسي، يقول كلاوس باديه. ويضيف الباحث في شئون الاندماج "على المرء ألا يوهم نفسه بأن إنشاء مؤسسات جديدة يعني اتباع سياسة اندماج جديدة في نفس الوقت". فالأمر أكثر من ذلك يعني خلق أجواء جديدة ونشر ثقافة الترحيب بالمهاجرين وتأكيد المساواة بين الجميع ومنحهم فرصًا متساوية بغض النظر عن أصولهم، وباختصار تغيير عقلية وطريقة تفكير الساسة، حسب رأي باديه.

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل
الجريدة الرسمية