حالة من الترقب لانطلاق جلسة الحوار الوطني بتونس
لاحت بارقة أمل صغيرة في أفق الحوار الوطني الذي سجلت جلساته الترتيبية موقفا مفاجئا لحركة النهضة التونسية من شأنه التسريع بتحديد موعد قريب جدا للانطلاق الفعلي للحوار بين الفرقاء السياسيين.
وأعلن مساء الأحد عن موافقة النهضة التي تقود الائتلاف الحاكم على مقترح إنشاء ورشة المسار الحكومي، بعد أن كانت عارضت بشدة هذه المبادرة، التي تندرج في إطار مسعى حثيث لإيجاد حل يدفع طرفي النزاع إلى مزيد التلاقي.
وكان المشاركون في الجلسات التمهيدية للحوار الوطني الذي تشرف عليه المنظمات الأربع الراعية له، اتفقوا على تقسيم أعمالهم إلى ثلاث لجان تعنى الأولى بالمسار الدستوري التاسيسي بما يعني انها ستتكفل بانهاء المهام التي من أجلها تم انتخاب المجلس التاسيسي من ذلك صياغة الدستور أساسا.
أما اللجنة الثانية فتعنى بالمسار الانتخابي بما يعني انها تتولى رفقة خبراء في المجال القانوني الانتهاء من صياغة المجلة الانتخابية وتشكيل الهيئة المستقلة لتنظيم الانتخابات التي تمثل مشكلة قائمة وعائقا قانونيا كبيرا يحول دون تقدم الحوار الوطني مهما كانت الإرادة السياسية للأحزاب المشاركة فيه.
وبخصوص اللجنة الثالثة التي كانت محل جدل وخلاف بين الحكومة ومن وراءها حركة النهضة أساسا، وأحزاب المعارضة، فستهتم بتحديد صلاحيات الحكومة المزمع تشكيلها من كفاءات مستقلة لتقود البلاد إلى الانتخابات بكل حيادية، وافقت النهضة بعد يوم كامل من النقاشات المستفيضة على احداث هذه اللجنة المكلفة بالمسار الحكومي.
وتأتي موافقة حركة النهضة على هذه اللجنة في ظل إصرار منها على ألا تستقيل حكومة على العريض ألا بعد الانتهاء من الدستور الجديد وتشكيل الهيئة المستقلة للانتخابات ووضع المجلة الانتخابية، بما يعني بان كل هذه المسارات التي ستأخذ أسابيع إن لم نقل شهورا لتفعيلها ستجعل مسألة تحديد مواعيد ثابتة لتفعيل بنود مبادرة اتحاد الشغل، مسالة لا وزن لها لانعدام إمكانية تطبيقها على أرض الواقع.
والآن تم التوافق بشأن هذه اللجان أو الورشات كما يسميها اتحاد الشغل، من المنتظر أن تنطلق في أعمالها بعد أن يتولى الاتحاد التنسيق مع رؤساء الأحزاب السياسية في السلطة وخارجها وهو ما أعلن عنه رئيس الاتحاد الحسين العباسي بعد عودته من مهمة في بروكسل حيث وجد جماعة الحوار وكانهم لم يتقدموا قيد أنملة.
ووفق تكهنات المحللين السياسيين سوف يكون من اليسير الإعلان عن موعد محدد لانطلاق الجلسة الافتتاحية للحوار الوطني، إلا أن البعض من المراقبين لديهم قراءة مختلفة تماما عن قراءة أصحاب النظرة التفاؤلية للنصف الملأن من الكأس.
فمما يلاحظ أن في موافقة النهضة الحاكمة على تشكيل ورشة المسار الحكومي بعد رفضها القاطع لذلك، تأكيدا على أن الحركة تنوي تغيير تكتيكها السياسي المناوراتي بمعنى انها تعول على رفض القيادة النهضوية لمثل هذا المقترح بعد رجوعها إلى القواعد التي سبق وأن حذرت من مواصلة التنازلات التي لا ترى موجبا لها بل تعتبرها مدعاة لمزيد الابتزاز.