رئيس التحرير
عصام كامل

الحياة و الوجود


اقتضت حكمة الله فى كونه، أن جعل الأيام ثلاثة: الأمس واليوم والغد، فأيهما أحق بالحياة ؟!، الإجابة ببساطة: اليوم.. أمن العقل والحكمة أن نغمض أعيننا عن عطاء جديد ونفكر فى شىء مضى وانتهى مع غروب شمس الأمس؟، لا والله فتجاوزْ عزيزى القارئ، الماضى بحلوه ومره وعش الحاضر، بمعنى أن تكون حيا لا أن تكون موجودا.. كلنا موجودون، ولكن القليل منا هم الأحياء، عش حياة عريضة عميقة منتجة متحركة دوما للأمام، ابدأ من اليوم، فاليوم أحق بالحياة، ولا تشغل بالك بالغد فالغد بيد الله " ﴿ عَالِمُ الغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً *إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ ...﴾..، و" لو اطلعتم على الغيب لاخترتم الواقع ".

 
واعلم علم اليقين أن حيوية أى مجتمع من المجتمعات ترتبط بمدى وحجم المشاركة الفعالة وتنظيماته المجتمعية والرسمية لتحمل المسئولية الوطنية، حيث تبدو هذه السمة واضحة فى الدول المتقدمة والتى خطت خطوات سريعة فى مجال فعالية وديناميكية المشاركة وشدة حرص مواطنيها على الممارسة البناءة، وأن الأمم لا تنهض من كبوتها ولا تقوى من ضعفها إلا على أكتاف شبابها.. فمن للأمة غير شبابها القادر على تحويل الجمود إلى حركة، والفتور إلى عزيمة، والإنسان القادر على نفسه والمتحكم فى شهواته هو الذى يعطى الحياة كما يأخذ منها، إذ أن كل حق له فيها يقابله واجب عليه لها.

إن الإيمان الحق الذى يرتكز على العقيدة والعمل أعظم مصدر لتكوين قوة إيجابية فى نفس المؤمن تجعله عنوانا للتضحية والإيثار سباقا لفعل الخير عضوا عاملا فى بناء المجتمع وإداة طيبة لرفع شأن أمته ومثالا للعمل الخلاق فيما يعود بالخير والنفع للإنسانية جمعاء، فليس المؤمن سلبيا فى هذه الحياه، ولا هو بمنعزل عن المجتمع الذى يعيش فيه وإنما يضم جهوده إلى جهود غيره من إخوانه.. فالمؤمن الحق الواعى الفاهم لدينه لا يقول :نفسى نفسى، لأن شعاره ودستوره قول رسول الله،صلى الله عليه وسلم:"من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم".. "وأحب الناس إلى الله أنفعهم لعبادته ...".

 وهنا تحضرنى مقولة (دانتى) الرائعة: "إن أشد الأماكن حرارة فى جهنم محجوزة للذين يقفون على الحياد وقت الأزمات".

الجريدة الرسمية