ماذا بعد انحسار خطر الحرب الأمريكية على سوريا
المفاوضات بين أمريكا وإيران لم تبدأ في الشهر الماضي كما يظن البعض بل بدأت قبل هذا بسنين.. لم تكن مفاوضات مباشرة بل كان هناك حوارات شارك فيها مفكرون وباحثون في الشأن الإستراتيجي ونقاشات حول مستقبل العالم والمنطقة تناولت كل شيء من الشأن الاقتصادي للشأن المذهبي وصولا إلى السياسي.
لا يعني بدء الحوار والمفاوضات أن يتخلى أي من المتحاورين عن خططه وسياساته بل يعني أن يكون مطلعا على وجهة نظر الطرف الآخر، وجاهزا ومستعدا لشتى الاحتمالات بما فيها احتمال الحرب أو السلام.
قبل عامين قريبا من الآن التقيت بصديق عراقي قديم كان يشغل منصبا رفيعا في حكومة بلاده وكان مضطلعا بجزء من هذا الملف الشائك وقال لي: لو سربت الحكومة الإيرانية محتوى الرسائل التي وصلتها من الأمريكان فهذا يعني رفضا وإسقاطا لها.
في الأسابيع الأخيرة وتحديدا نهاية أغسطس ذهب وسيطان من قبل أمريكا إلى إيران هما سلطان عمان قابوس ابن سعيد وجيفري فيلتمان الذي التقى ضمن وفد برئاسة الأمين العالم للأمم المتحدة بان كي مون مع قائد الثورة الإسلامية السيد على خامنئي ووقتها لم يتسرب شيء ذو قيمة عن مضمون هذه اللقاءات التي قيل إنها اقتصرت على بحث العدوان الذي كانت تنوي أمريكا شنه على سوريا ويبدو أن اللا تسريب كان إشارة البدء على أن شيئا ما بدأ يتبلور في أفق العلاقات المتدهورة بين الطرفين.
بعد لقاء فيلتمان بالمسئولين الإيرانيين أطلق تصريحا هاما يكشف عن حقيقة التطور المحتمل متحدثا عن "أهمية الدور المؤثر لإيران في تطورات المنطقة".
لم يكن هذا التصريح الخطير الذي يعترف بالدور الإيراني المؤثر في المنطقة سريا لم يسمع به حلف القلقين المتوترين، بل كان تصريحا علنيا يشكل اعترافا أمريكيا واضحا بما أصرت الإدارة الأمريكية على إنكاره لأكثر من ثلاثة عقود من الزمان.
وبينما تزداد الأزمة التي تعاني منها الحكومة الأمريكية في الداخل عمقا واتساعا فليس من الوارد إطلاقا أن تستعيد هذه الحكومة ما فقدته من هيبة ونفوذ خلال هذه العقود رغم أن تحالف القلقين والواهمين والمغرورين ما زال مصرا على ممارسة دور الصبي القلق الذي يصر على أن يبقى تحت حماية أبيه الذي في البنتاجون، وهيهات هيهات.