رئيس التحرير
عصام كامل

تلك الأيام!


إذا كانت ذكرى انتصار السادس من أكتوبر.. تفجر لدى جميع المصريين الشعور بالفخر والاعتزاز بقواتنا المسلحة.. التي أذهلت العالم بعبورها خط بارليف المنيع.. وهزيمة الجيش الإسرائيلى.. الذي كاد أن يقنع العالم بأنه لا يهزم..إلا أن الجيل الذي جند بالقوات المسلحة عقب نكسة يونيو ١٩٦٧.. واستمر سنوات طويلة في صفوفها.. حتى تحقق النصر العظيم في أكتوبر١٩٧٣، هو الأكثر إدراكًا لمعنى هذا الانتصار.


احترق جيلنا بنار الهزيمة.. وتجرعنا الذل والمهانة بسبب الهزيمة التي لم يكن الجيش المصرى مسئولًا عنها.. لأنه في حقيقة الأمر لم يختبر في حرب ٦٧.. والمسئولية تقع على عاتق القيادة غير المؤهلة التي أهدت الانتصار إلى الجيش الإسرائيلى.. دون أن تنشب معارك حقيقية.

والنتيجة أن جيلى الذي نمى وعيه على ثورة يوليو ٥٢، وعاش انتصاراتها المتلاحقة التي رفعت من شأن مصر.. ووضعتها في ريادة دول عدم الانحياز.. حققت للمصريين العدالة الاجتماعية والتقدم الاقتصادى.. ثم انهار كل شىء مع هزيمة يونيو ٦٧.. التي كادت أن تفقدنا الثقة في سلامة مسيرة الثورة.. ولم يتهرب الزعيم جمال عبدالناصر من المسئولية.. وأعلن أمام الشعب أنه يتحملها وحده.. وطلب من مواطنيه السماح بأن يعود إلى صفوفه ويترك السلطة.. خرجت الجماهير ترفض أن يرحل القائد قبل أن يتحقق النصر.

بدأ عبدالناصر في إعادة بناء القوات المسلحة وفق أسس جديدة تتمشى مع مقتضيات العصر.. وقدم المسئولين العسكريين عن النكسة إلى محاكمات علنية.. واختار قيادات جديدة قادرة على تحمل مرحلة إعادة البناء وإنجازها بما يحقق التصدى للعدوان وتحقيق النصر.

ويحسب للفريق محمد فوزى أن أول قراراته على طريق التطوير كان تجنيد أصحاب المؤهلات وتوزيعهم على الإدارات التي تتوافق مع تخصصاتهم العلمية.. بعد حصولهم على التدريب العسكري.

كان لى الشرف أن أكون من أولى الدفعات التي نفذت القرارات وشاركت في أول فرقة تعقد للمراسلين الحربيين لتدريبهم على تغطية المعارك.. وتم إلحاقهم على الوحدات القتالية التى كانت تخوض حرب الاستنزاف وكبدت العدو الإسرائيلى خسائر فادحة.. وقام المراسلون بدورهم في تغطية المعارك صحفيًا وإمداد الصحف والمجلات التي تصدرها إدارة التوجيه المعنوى بالأخبار والتحقيقات المصورة.. ما أدى إلى رفع الروح المعنوية لدى المقاتلين.. وأعاد إليهم الثقة في أنفسهم وفى قياداتهم.. وقرب إليهم يوم النصر.. ويحسب لإدارة التوجيه المعنوى أنها تصدت للحرب النفسية التي وجهتها إسرائيل للنيل من معنويات قواتنا المسلحة.. بل والشعب المصرى كله لإقناعه بالاستسلام للهزيمة.. وعدم التفكير في خوض الحرب.. وقامت خطة التوجيه المعنوى على محورين:

- الالتزام بالمصداقية في البيانات العسكرية التي تقدم للرأى العام.. حتى يمكن إعادة الثقة المفقودة في الإعلام المصرى نتيجة للممارسات الخاطئة لتغطية معركة ٦٧.. عندما كان أحمد سعيد يعلن من إذاعة صوت العرب عن سقوط عشرات الطائرات الإسرائيلية.. بينما تم تدمير طائراتنا وهى في مرابطها.

كان لابد من إقناع المواطنين بأن الإعلام قد تغير.. وإنه من حق المواطن الحصول على المعلومات الصحيحة.. حتى لو كانت مؤلمة في بعض الأحيان.

- المحور الثانى لخطة التوجيه المعنوى خاص بالمقاتلين الذين قدر لهم الانضمام للقوات المسلحة سنوات طويلة، وكان لابد من الاحتفاظ بمعنوياتهم العالية.. والتأكيد على أنهم يخوضون معركة عادلة من أجل تحرير الأرض المحتلة.. وقد تحقق النصر في أكتوبر ٧٣.
الجريدة الرسمية