رئيس التحرير
عصام كامل

«المركزي للمحاسبات»: نطالب القضاة الالتزام بالقانون.. الرقابة على النادي ليست بدعة... فتاوى تشريعات مجلس الدولة أكدت خضوغه للمحاسبة.. ولا نقبل تدخل أية جهة في اختيار رئيس «الجهاز»

الجهاز المركزي للمحاسبات
الجهاز المركزي للمحاسبات

أصدر نادي أعضاء الجهاز المركزي للمحاسبات بيانا، مساء اليوم الجمعة، قال فيه: إننا نتوجه إلى قضاة مصر الشرفاء وإلى نادي قضاة مصر مذكرين أنفسنا وإياهم بأن العدل أساس الملك، ولن يتحقق العدل إلا إذا كان الجميع أمام القانون سواء يخضعون لأحكامه ينصاعون لقواعده.

وأضاف: نؤمن أن الكلمة شرف، وأن الكلمة أمانة، وأن الكلمة نور، وأن بعض الكلمات قبور، وبعض الكلمات قلاع شامخة، وأن الكلمة فرقان بين نبي وبغي، وبالكلمة تنكشف الغمة، وهي دليل تتبعه الأمة، وأن الكلمة التي تستحق الاحترام هي تلك التي تحافظ على شرفها ولا تفرط فيه.. وشرف الكلمة مصداقيتها.. وبما أن الكلمة بنت المتكلم فهو وحده المسئول عنها وعن عفتها.. يحميها بالصدق، ويصونها بالكرامة، ويفديها بالروح.

ومن هذا المنطلق فإننا لن نتوقف أمام كثير من العبارات التي وردت ببيان " نادي القضاة " الصادر بشأن الجهاز المركزي للمحاسبات ورقابته على نادي قضاة مصر والسيد المستشار رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات والبلاغ المقدم ضد السيد المستشار عادل عبد الحميد، حرصا منا على عدم الخوض في سجالات يضيع فيها الحق ويبعدنا عن الغاية والمضمون، وعليه فإن نادي أعضاء الجهاز المركزي للمحاسبات يؤكد على الثوابت الآتية:-
أولًا: إن الجهاز المركزي للمحاسبات بصفته الجهاز الأعلى للرقابة والمحاسبة في مصر لهو عين الشعب الساهرة في الرقابة على أموال الدولة جميعها وأموال الجهات الأخرى الخاضعة لرقابته والسهر على حماية هذه الأموال من خلال تفرده بممارسة ثلاثة أنواع من الرقابة تتسم بالانتظام والدورية، وهي الرقابة المالية بشقيها المحاسبي والقانوني، والرقابة على تنفيذ الخطة وتقويم الأداء، والرقابة على القرارات القانونية التي تصدر بشأن المخالفات المالية.

ثانيًا: يؤدي السادة أعضاء الجهاز المركزي للمحاسبات المهام التي أوكلها لها الشعب وفق قيم جوهرية تتمثل في النزاهة والحيادية والموضوعية والمصداقية بحثا عن الحقيقة بعثا للثقة فيما يقومون بفحصه، دون أن يكونوا أداة سياسية للحروب الحزبية أو الفكرية أو وسيلة لتصفية الحسابات، وذلك تطبيقا للقانون وللمبادئ والمعايير الرقابية الدولية والتقاليد الراسخة التي يعمل الجهاز وفقا لها.

ثالثًا: يهدف الجهاز المركزي للمحاسبات إلى نشر الثقة في المجتمع وتفعيل مبادئ الشفافية والمساءلة، وضمان الاستخدام الفعال والمناسب للأموال العامة وتصحيح مسار الجهات الخاضعة للرقابة وضمان حسن تصرفاتها المالية والإدارية وتطويرها في ضوء مفاهيم الاقتصاد والكفاءة والفاعلية، ومكافحة الفساد المالي والإداري وذلك عن طريق إظهار المخاطر وإرساء أنظمة رقابة داخلية قوية وفعالة لتساهم بشكل خاص في منع الفساد تماشيا مع روح اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وذلك كله لتحقيق نتائج إيجابية ملموسة في حياة المواطنين.

رابعًا: لن نتطرق إلى موضوع القضية المثارة بشأن المستشار عادل عبد الحميد، وزير العدل لعرض الأمر برمته أمام القضاء، ونُهيب بكل من لديه رأي أو دليل أن يتقدم به لمستشار النائب العام وليس لصفحات الجرائد إعمالًا لدولة القانون، وإلا فليلتزم الصمت انتظارا لنتيجة التحقيق، وأن ما تم نشره من الجهاز بهذا الشأن هو التزام بالمعايير الدولية للأجهزة العليا للرقابة والمحاسبة.

خامسًا: وفقا لقانون الجهاز المركزي للمحاسبات رقم 144 لسنة 1988 المعدل بالقانون رقم 157 لسنة 1998 فإن الجهاز - يختص من جملة ما يختص به - بالرقابة على أية جهة تقوم الدولة بإعانتها، لما كان ذلك وكان الثابت أن نادي القضاة يتلقى دعما من الدولة ممثلة في وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء، فإنه وبحكم القانون يخضع لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، وهو ما أيدته عدد من فتاوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة.

كما أن خضوع نادي القضاة ليس بدعة ابتدعها المستشار هشام جنينه، رئيس الجهاز، فقد سبق للجهاز أن قام بفحص أعمال النادي وأندية الأقاليم وأصدر بذلك تقريرا في عهد رئيس الجهاز السابق المستشار جودت الملط.

ومن ناحية أخرى، فإن رقابة الجهاز على نادي القضاة لا تمس استقلال السادة القضاة وهو الأمر الذي نحرص عليه ولا تتضمن تدخلا في أعمالهم أو شئونهم القضائية، فهذا شأنهم، ولكن رقابة الجهاز تكون رقابة مالية على التصرفات الواردة على أموال النادي والتي في جزء منها أموالا عامة.

كما أن طلب التزام نادي القضاة لحكم القانون وتمكين السادة أعضاء الجهاز من ممارسة مهامهم لا يحمل في طياته تشكيكا في الذمة المالية للخاضعين للرقابة، وإلا كانت باقي جهات الدولة الخاضعة لرقابة الجهاز مشكوكا في ذمتها – وهو الأمر الذي لم يحدث- حيث تخضع جميع جهات الدولة بلا استثناء لرقابة الجهاز، وإننا نثق كل الثقة أن نادي القضاة ليس لديه ما يخاف منه ونتعجب من هذا الرفض، ونتمنى من نادي قضاة مصر بوصفه ممثلا للسادة القضاة أن يكون مثالًا للالتزام بحكم القانون والانصياع لأحكامه، مثالًا للشفافية.

وأخيرا لنا أن نذكر أنفسنا وإياكم بمقتطفات من دستور القضاة الذي أرساه الفاروق عمر حيث قال لأبي موسى الأشعري حين ولاه قضاء الكوفة: " إن القضاء فريضةٌ محكمةٌ، وسنةٌ متبعةٌ، فافهم إذا أدلي إليك، فإنه لا ينفع تكلمٌ بحق لا نفاذ له، ولا يمنعك من قضاءٍ قضيته اليوم فراجعت فيه لرأيك وهديت فيه لرشدك أن تراجع فيه الحق؛ لأن الحق قديمٌ، لا يبطله شيء، ومراجعة الحق خيرٌ من التمادي في الباطل.

سادسًا: يؤكد نادي أعضاء الجهاز المركزي للمحاسبات أنهم على قلب رجل واحد خلف سيادة المستشار هشام جنينه، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، ندعمه ونؤيده ونشد على يديه للقيام بالواجبات المفروضة عليه، ونطالبه بأن يضرب بيد القانون كل من تسول له نفسه أن تمتد يده إلى أموال الدولة بغير حق سواء كانوا جهات أو أفراد، وألا يخشى في قول الحق لومة لائم وهذا عهدنا به.

سابعًا: إن مسألة تعيين واختيار رئيس الجهاز هي شأن خاص بالسادة أعضاء الجهاز وحدهم، ولا يقبل ومن غير اللائق من أي جهة كانت، أن تجعل من نفسها وصية عليهم أو أن تتدخل في شئونهم، كما نُلزم أنفسنا بعد الخوض في شئون الآخرين.

ثامنًا: نتمنى ألا تكون هذه الحملة مقدمة لاغتيال ما تبقى للجهاز من استقلالية ووأد مطالبنا الثورية والشعبية والالتزامات الدولية المتعلقة بوجوب تمتع الجهاز باستقلالية حقيقية، وجعل الرقابة التي يجريها الجهاز تحت الطلب، وهو الأمر الذي لم ولن نسمح به.
الجريدة الرسمية