رئيس التحرير
عصام كامل

أنا لا أكذب ولكنى أتجمل


لم أجد جملة أكثر تعبيراً وتفصيلاً لما يحدث ليلة الرؤية الشرعيَّة من عنوان رواية «أنا لا أكذب لكنى أتجمل» للكاتب «إحسان عبد القدوس».. الرؤية الشرعيَّة هاجس كل شاب وفتاة.. حيث يرى الشاب الفتاة التى سيرتبط بها مستقبلاً لأول مرة.


وبالتأكيد يسعى كلاهما لتحسين الصورة، وإضافة بعض الرتوش والتعديلات، خاصة الفتاة لتبدو أجمل.. أصغر.. لتجذب فارس الأحلام القادم، ومعه الأحلام الورديَّة.

عدسات لاصقة ملونة.. خصلات شعر ليبدو الشعر أطول وأجمل.. وإجراء عمليات تجميل مؤقتة.. نفخ خدود وشفاه.. تحديد حواجب.. وغيرها من عمليات التجميل البسيطة.. والحق يقال إنَّ الشاب أيضاً يسعى لتجميل نفسه، وإضافة بعض الرتوش؛ حتى تكتمل الصورة بشكل يشعره بالرضا عن نفسه، ويمنحه المزيد من الثقة بالنفس، أى باروكة صغيرة لتخفى الصلعة، لا بأس، عدسات طبيَّة لاصقة ليتخلص من نظارته السميكة لا بأس، بمعنى آخر ولنكن أكثر إنصافاً فإن الشاب يسعى لتجميل صورته فى الرؤية الشرعيَّة، وليست الفتاة وحدها من يجمل نفسه.

والسؤال الذى يطرح نفسه هنا وبشدة: هل يقبل الشاب هذه التغييرات التى تجريها فتاته فى لقائه الأول بها؛ ليفاجأ بها بعد الزواج، وبعد أن تصحو من نومها بفتاة أخرى وكأنَّه لا يعرفها؟ البعض يقبل ويرحب، والبعض الآخر يجد فى ذلك غشاً وخداعاً وتدليساً.. كحكاية صاحبنا الذى أعجب بفتاته ذات العينين الزرقاوين، والشعر الأسود الطويل.. ليفاجأ بعد عدة مقابلات بأنَّ خطيبته ليست زرقاء العينين، وشعرها خفيف وضعيف.. اختلف معها واتهمها بالغش.. واشتد الخلاف إلى أن تركها غير نادم تاركاً لها المهر والشبكة.

وفى المقابل فتاة شابة تحكى قصتها مع خطيبها الذى أعجبت بوسامته، وشياكته، وشعره المسبسب؛ ولكن بعد شهور طويلة اكتشفت أنَّه أصلع ويدارى صلعته بباروكة لا يختلف عليها اثنان، إنَّها باروكة من شدة دقتها وإتقانها، واكتشفت أنَّه تقريباً لا يرى أمامه، ولكنَّه استبدل بنظارات كعب الفنجان عدسات طبيَّة لاصقة، تؤكد صاحبة هذه التجربة أنَّه لو تقدم لها كما هو كانت ستقبل به؛ لأنَّ الأخلاق الطيبة والمودة والعشرة هى التى تبقى، وليس بالباروكة والعدسات اللاصقة تنجح الحياة الزوجيَّة.

أعتقد أنَّها ثقافة مجتمع بشكل عام تربى على المظاهر والشكليات ونظرته للعلاقة الزوجيَّة، دون إدراك لأهداف الزواج الصحيَّة، والحياة الزوجيَّة التى تبدأ بزيف لا تقوم على أسس سلميَّة وأهداف واضحة.. نعم الله جميل ويحب الجمال؛ ولكن كل شيء بالعقل والمعقول...

نقلا عن مجلة"سيدتى".
الجريدة الرسمية