رئيس التحرير
عصام كامل

ما لا تعرفه عن مذكرات مبارك


سجل مبارك ثلاث عشرة حلقة من مذكراته عندما كان رئيساً، تناول خلالها مراحل تعليمه المختلفة وفجأة توقف التسجيل.. عرضت قناة سى بى سى بعضا من الحلقات التى وافقت عليها الشئون المعنوية ولكن أحدا لا يعرف على وجه الدقة ماذا حدث أثناء التسجيل؟ تشير معلوماتى إلى أن مبارك أعلن عن رغبته تسجيل مذكراته بدافع من شخصيات سياسية وأخرى صحفية وعندما انتوى فعل ذلك أسندوا المهمة إلى الشئون المعنوية التى كان يتولاها فى ذلك الوقت الرجل النشط اللواء سمير فرج.


‎فى اليوم الأول للتسجيل اصطحبوا ست كاميرات وفريق إضاءة، وفريق إخراج.. وضعوا الكاميرات ونصبوا كشافات الإضاءة وانتظروا الرئيس.. عاين الدكتور زكريا عزمى موقع التصوير وطلب ألا يبقى بغرفة التصوير إلا واحد فقط وبعد مداولات أصبح الواحد اثنين وخرج الباقى.. ظل اللواء سمير فرج داخل غرفة التصوير ودخل الرئيس حيث رتبوا له جلسة قبل التصوير وفيها عرضوا عليه صور رفاقه فى المدرسة الابتدائية وبعض مدرسيه مع صور للمدرسة.

‎كانت أجهزة مهمة بالدولة قد رتبت كل شيء.. أعادت إلى ذاكرته صور رفاقه ومدرسيه وجدران مدرسته وكل ما يتعلق بمرحلة التسجيل.. وجد مبارك حياته التى نسيها قد عادت إليه فى كلمات وصور ووقائع لم يكن يتذكرها.. كان كل ما عليه أن يستعيد ذاكرته ليعيد إنتاجها مرة أخرى.. هكذا كانت كل مراحل التسجيل.

‎فى المرة الثانية عندما عاين الدكتور زكريا عزمى موقع التصوير تعامل بغلظة مع الدكتور سمير فرج وأمره ألا يبقى أثناء التسجيل.. امتثل فرج لأوامر عزمى وخرج من الغرفة منتظرا بالخارج.. وصل الرئيس فوجد فرج ينتظر بالخارج فطلب منه أن يبقى بالداخل أثناء التصوير.. ظل سمير فرج مترددا إلا أنه لم يقاوم ذلك فأمر الرئيس أولى بالتنفيذ.. دخل سمير فرج وحضر التصوير فى حين ظل عزمى تغلف حركاته ملامح الغيظ.

‎حلقة بعد أخرى انتهت الشئون المعنوية من تسجيل ثلاث عشرة حلقة.. توقف التصوير بعد ذلك للإعداد لمرحلة جديدة تستلزم جمع معلومات وصور ووقائع مع ترتيبها حتى لا تحمل تناقضا أثناء التسجيل.. انشغل مبارك بعد ذلك ولم يكمل تصوير بقية المذكرات وظلت المعلومات التى تم جمعها تنتظر موافقة مبارك لاستكمال مذكراته.

‎ولم تعرض قناة سى بى سى إلا غيضا من فيض نتصور أنه أصبح جزءا من التاريخ الذى يجب أن يعرفه الناس.. الحقائق التاريخية لا يمكن لأحد أن يمحوها.. قد يتم تزويرها بعض الوقت غير أن الحق كالشمس لا يمكن لأى قوى أن تخفيها.

‎نفس ما فعله مبارك نفعله الآن.. تجاهل مبارك كل ملاحم البطولة فى حرب أكتوبر واختزلنا النصر أيامه فى الضربة الجوية.. تجاهل الفريق الشاذلى وحاكمه وحبسه.. تجاهل كل نجوم المعركة وأخيرا سقط.. سقط مبارك وعدنا نحتفى بأبطالنا الحقيقيين.. نحتفل هذا العام بما تجاهلناه فى سنوات مبارك.. ووسط هذه الاحتفالات تجاهلنا الضربة الجوية وكأننا ننتقم من ديكتاتوريته فنسفنا بطولته.

‎الثورة الحقيقية تحق الحق وتعيد للناس أفضالهم وقد كان لمبارك أفضال وبطولات وتاريخ مشرف فى معاركنا ضد العدو.. صحيح ختم حياته الوطنية بما لا يليق بتاريخه العسكرى غير أن هذا لا يغير من واقع التاريخ.. صحيح مبارك ديكتاتور لفظه الشعب ولكنه أيضا بطل لا يمكن أن يتجاهله الشعب ولا التاريخ.
الجريدة الرسمية