حمدين يفقد ربيعه
أصبح الصراع محتدما من الآن حول من يمثل قامة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، ومن الأقدر على تولى مقاليد البلاد بخلفية ومبادئ ناصرية، كاريزما "عبد الناصر" يمتلكها الفريق السيسي، الملايين تنتظر خطابه من حين لآخر، وباتت العيون تتطلع إليه كقائد ليس فقط لمصر وإنما زعيما ملهما للعرب.. انظر إلى حجم صوره المقرونة فى نفس الصورة، بصورة عبد الناصر، انزل للمقاهى والأحياء الشعبية والدكاكين، لتجد صورة السيسي تزين كل الأماكن، أوليس هذا دليلا على أن الشعب اختار قائده، واستفتاء "غير معلن" على مبايعة السيسي "رئيسا"..
انظر إلى العيون التى تلهفت لرؤيته من مثقفين وفنانيين وإعلاميين فى أوبريت "قد الدنيا"، أوليس هذا مبايعة من القوى الناعمة للسيسي، والصراع الذى أقصده أصبح يتضح كل يوم بين حمدين صباحى مؤسس التيار الشعبى وبين الفريق السيسي، وللدقة فإن الصراع من جهة صباحى فقط، فلا أظن أن الفريق يكترث بالمرة، ففى كل حوار إعلامى لحمدين صباحى يسبقه خطاب للفريق السيسي، يظهر صباحى ليؤكد أن الفريق السيسي قال إنه لن يترشح للانتخابات الرئاسية، وأن ذلك فى بالغ الخطورة إذا تم الزج بالقوات المسلحة فى معترك سياسي، تصريح صباحى "فقير" للغاية، فلا أحد يلوم الملايين التى أحبت الرجل، حتى ولو رغب السيسي نفسه فى عدم خوض الانتخابات الرئاسية.
ولا أعتقد أن الفريق السيسي قد عين "صباحى" متحدثا باسمه فى وسائل الإعلام، ليعرف أو ينقل رغبة السيسي فى خوض الانتخابات الرئاسية، قد يكون حمدين صباحى امتلك الفكر الناصرى وناضل من أجله لسنوات طويلة، لكن السيسي امتلك كاريزما تؤهله لقيادة مصر لعقود قادمة، فالجماهير صدقته وآمنت به، خير خلف لعبد الناصر..
هكذا تريده الجماهير، هذا هو الفارق بين الكاريزما والفكر، قال السيسي كلاما فى بالغ الأهمية فى احتفالية القوات المسلحة فى ذكرى الانتصار الأربعين للسادس من أكتوبر، حين قال إن الأجيال القادمة ستعرف أن مصر ستكون "قد الدنيا"، ما الذى دفعه لأن يقول هذا الكلام، وبهذه الطريقة، وعلى أى أساس يقول ذلك ؟ وما أدراه ما الذى سيحدث خلال العقود القادمة، إلا إذا كانت لدي وزير الدفاع رؤية استراتيجية لقيادة البلاد، وأعتقد أن هذا التصريح هو بمثابة إعلان صريح من السيسي لخوض الانتخابات الرئاسية، هذا برنامج "انتخابى قصير" لمرشح رئاسي، وليس خطابا لوزير الدفاع، لم نعتد منه أن يخطب بهذا الشكل وهذا العمق.
أما صباحى نفسه وهو لا يزال قيادة مؤثرة فى جبهة الإنقاذ، لم تعلن أو توافق على تأييده، كمرشح رئاسي يخوض باسم جبهة الإنقاذ، وهى من الأزمات الخطيرة التى تواجه حمدين فى حالة خوضه الانتخابات الرئاسية، أنه على علم يقين أن الجبهة لن تتوافق عليه كمرشح رئاسي، لذا يبدو أن حمدين بدأ يفقد "ربيعه" حتى داخل صفوف التيار الناصرى الذى ينتمى إليه .