في مثل هذا اليوم.. توفيق الحكيم غادر عالمنا غضبانا
تمر هذه الأيام ذكرى ميلاد الكاتب الكبير توفيق الحكيم الذي ولد في أكتوبر 1898 وتوفى في يوليو1987 وبهذه المناسبة تعيد الصحفية ليلى الراعى نشر مقال كتبه والدها الدكتور على الراعى عن الكاتب والأديب توفيق الحكيم يقول فيه:
"ذات يوم طلب إلى الحكيم أن أزوره في مكتبه، وقدم لى صورة لمقال نشره في الملحق الأدبى لصحيفة التميز عام ١٩٧٠ جاء فيه عرض ونقد لكتابى «توفيق الحكيم فنان الفرجة وفنان الفكر» وكان ما أدهش الحكيم أن الكتاب لم يترجم إلى الإنجليزية أو غيرها.
كان من أعز أمانى توفيق الحكيم أن تجد أعماله جمهورًا لها في الغرب وغير الغرب، وعلمت ذلك حين كنت في أمريكا عام ١٩٦٤ وطلب منى أحد رجال المسرح الأمريكى أن أرسل له نسخة من مسرحية «يا طالع الشجرة» ولما نقلت هذا للحكيم احتفى بالنبأ وقال: «من يدرى لعل الخير أن يأتى على يديك».
ازداد كم الأسى في مسرحيات الحكيم منذ ظهور مسرحية "مصير صرصار" عام ١٩٦٦ وتلاها عمل آخر حزين «كل شئ في محله"، ثم "بنك القلق" وكلها تنم عن حزن عام، أما الحزن الشخصى فهو الذي صاحب الحكيم طوال حياته لأنه على قدر ماله من صلة بعامة الناس بقدر ما يجد عجزا متواصلا عن أن يصل إلى الجمهور العريض، وأرى أن السبب في ذلك هو أن الحكيم ضحى بنبع الفكاهة الصافى الذي كان يتفجر في داخله في سبيل أن يلبس ملابس الاحترام ويدخل زمرة طه حسين وشوقى حتى أنه خنق المهرج بداخله وقنع بصورة الفنان المفكر الفيلسوف.
لقد عاش ومات توفيق الحكيم وعيون العالم كله عليه في إنجلترا وفى أمريكا، في الجامعات وفى مراكز القيادة الفكرية، ففى أمريكا ظهر مجلدان عن مسرحيات توفيق الحكيم «مسرح المجتمع» ١٩٨١، و"مسرح الأفكار» ١٩٨٤، وقد اعتمدت هيئة اليونسكو المجلدين ممثلين للأدب العربى المعاصر ضمن سلسلة تحمل العنوان ذاته وتوالت الكتب والمراجع حول توفيق الحكيم ومسرحياته.
أقول إنه رغم الاهتمام العالمى ورغم حفاوة المعجبين الكثيرين بالحكيم فقد مات توفيق وهو يحس غصة في حلقه، فقد كان يريد أن يكسب قضيته في بلاده، وعلى لا أن يعترف به في المنفى ولذلك أرى أن توفيق الحكيم مات وهو غضبان".