رئيس التحرير
عصام كامل

هل يفهم الإخوان من "نهر الجنون" شيئا ؟!


"نهر الجنون".. مسرحية لتوفيق الحكيم لم تحظ بالاهتمام الكافي لا من النقاد ولا من المسرحيين.. فلا نعرف وفي حدود علمنا البسيط بالمسرح أنها تحولت إلى عمل مسرحي.


يروي الحكيم في مسرحيته ذات الفصل الواحد، أن شيئا ما أصاب النهر الوحيد في المملكة الصغيرة.. وكلما شرب أحد من ماء النهر أصيب بالجنون.. ومع غريزة شرب الماء التي لا تتوقف تزايدت أعداد من أصيبوا بالجنون حتي جنت زوج الملك.. جنت الملكة !! الملك يستدعي غاضبا وزيره على الفور ويسأله: كيف جنت الملكة وحولها الحرس؟ أين كان الحرس؟ قال الوزير: لقد جن الحرس يا مولاي.. وعندما طلب منه منفعلا أن يستدعي الطبيب أبلغه أن الطبيب أصيب هو أيضا بالجنون.. وأن كل من يصاب بالجنون يري أنه هرب من الجنون وأنهم جميعا يرون أنفسهم العقلاء وغيرهم هم المجانين..!! وأراد الوزير أن يختصر الأمر للملك ويريحه من السؤال فأبلغه أنه لم يبق في المملكة إلا هما.. هو والملك.. ودارت مناقشة طويلة بينهما للإجابة عن السؤال المهم: أيهما أسهل.. البحث عن علاج لكل سكان المملكة مهما كان صعبا وبعيدا وربما مستحيلا وغير معروف النتائج أم يشربا من النهر ويستريحا؟ 

وتنتهي مسرحية حكيم المسرح العربي بأن يطلب الملك من الوزير أن يأتيه بالماء من النهر ويشربا معا مؤكدا أن التمسك بالعقل وسط محيط من الجنون هو الجنون بعينه !!

النقاد اختلفوا في تفسير مقصد الحكيم.. هل أراد أن يقول إنه على الأقلية أن تنصاع لرأي الأغلبية حتي لو كانت هذه الأقليو تري أنها على صواب.. أم أن الحكيم يريد أن يقول إن من الخطأ الاستسلام للخطأ حتي لو اختارته الأغلبية؟ الإجابة بالطبع عند الحكيم نفسه من خلال ختام عمله الرائع والذي جاء صريحا على لسان الأقلية حتي لو كان يمثلها الحاكم نفسه: هل تقبل أن تكون مجنونا مع الجميع أم عاقلا وحدك ؟
ولقد اختار الملك.. وصار مع الجميع !!!
الجريدة الرسمية