مصر وإيران وداعًا للأيديولوجيات
مرارًا وتكرارًا وفي عهد المخلوع حسني مبارك سعت إيران للتقارب مع مصر إلا أن الأجهزة كانت تضع العراقيل لمنع تنفيذ ما اتفق عليه بين الجانبين، وأوضح مثال على ذلك تلك الحملة التي شنَّتها هذه الأجهزة على الشيعة المصريين في رأس غارب نهاية عام 2003 في نفس اللحظة التي كان المخلوع يبرم اتفاقًا في سويسرا مع الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي لإعادة العلاقات بين البلدين.
كان هناك فريق آخر يصنف ما يقدمه من خدمات سامة ومدمرة ضمن (الإستراتيجي) فيقوم باستكتاب البعض لتأكيد أن لا حاجة لإعادة العلاقات مع إيران لأن أمريكا ستقوم حتمًا بضربها والقضاء عليها، ومن ثم فلا حاجة لاستعجال عودة العلاقات قبل انقشاع خطر الحرب.
حكماء لكن بلهاء!!
في نفس الوقت كان النظام الإيراني ينفذ خطة بناء قوة ردع تمنع الغرب من مجرد التفكير في شن هذه الحرب التي كان تنابلة وكسالى الوهم العربي ينامون ويصحون ويحلمون بها عساهم يرتاحون من التزامات واستحقاقات ستفرضها عليهم تغيير موازين القوى ونجاح إيران في اقتطاع حصة من النفوذ تلائم حجمها وامتدادها الجغرافي، وهو ما يبدو أنها أصبحت الآن قاب قوسين أو أدنى من تحصيله.
عاش نظام المخلوع ومن بعده المعزول على وهم الاستجداء والتسول المذهبي (ادعمونا لتحمونا من التشيع، وأنتم الرعاة ونحن الحماة) لتأتي النهاية المحتومة لهذا العبث عبر توافق إيراني أمريكي ربما يمهد لمصالحة لن تكون بعيدة، لكن أخطر ما في هذا الوفاق البادي في الأفق هو التوقف الأمريكي عن مباركة الصراعات الطائفية العبثية وترك أهلها لشأنهم ينزعون أشواكهم وألغامهم بأيديهم وهي ألغام سينفجر منها جزء ليس باليسير في وجوههم.
ومثلما رحب النظام السوري بالتخلي عن ترسانته الكيماوية التي أضحت عبئًا عليه فمن المتعين على النظم العربية التي قامت بتربية قطيع من الذئاب والضباع يلتهم أقوات العباد ولا يقدر على القيام بأي عمل نافع سوى القضم والخضم والصراخ في وجه (المشروع الإيراني الصفوي) قبل أن يختم بهتافه المأثور (امسك شيعيا) أن تعد خطة للتخلص من هؤلاء، وحبذا لو قامت بدفنهم مع الكيماوي السوري، توفيرًا للجهد والنفقات.
وداعًا لتوظيف الأيديولوجيا لتأجيج الصراع بين المسلمين لصالح أمريكا وإسرائيل، وعلى العرب أن يعيدوا رسم أولوياتهم واستعادة التوازن الإقليمي قبل فوات الأوان.