رئيس التحرير
عصام كامل

بالصور.. "فيتو" في مسقط رأس "أسد سيناء".. سيد زكريا "تميمة أكتوبر" من الميلاد إلى الاستشهاد.. قتل 22 جنديا إسرائيليا في عملية واحدة.. "إذا مت لا تحزنوا" آخر كلماته لأسرته

فيتو

في حضرة الشهداء لا تملك إلا أن تقدم الأكبار والأعذاز لجيل تربي على تقديم روحه قربانا لوطنه، وعلى رأس هؤلاء سيد زكريا خليل "أسد سيناء" كما أطلق عليه الكيان الصهيوني، الذي عرف العالم بسالته في حرب 1973، بعد موته بـ 20 عاما.

أسد سيناء سيد زكريا من مواليد شهر أكتوبر 1949، من نجع الخضيرات شرق قرية البغدادي، والطريف في الأمر أنه ولد في أكتوبر 1949، ودخل الجيش في أكتوبر 1971، وسالت دماؤه الطاهرة في أرض سيناء المقدسة في أكتوبر عام 1973.

كان أصغر أخوته الثمانية، فقد أمه "حسنية عبد الجواد" قبل أن يدركها بعينيه، وكان حافظا لنصف كتاب الله، وكان يعمل مزارعا ويساعد أبيه.

يتنفس الصعداء ثم يحكي ابن أخيه خالد محمود زكريا الذي تربي على بطولات عمه الشهيد سيد زكريا، قائلا، إن عمه كان له مواقف بطولية كثيرة قبل التحاقه بالجيش.

تقدم للجيش ثلاث مرات وقُبل في المرة الثالثة وكل مرة كان يرفض نتيجة صغر سنه، بالرغم أن كثير من الأسر كانت تخشي انضمام فلذات أكبادها للجيش آنذاك.

وقال خالد زكريا، إن العائلة لم تكن تعلم أين ذهب سيد زكريا بعد الحرب، إذ عاد من عاد، واستشهد من استشهد، أما سيد زكريا فكان رد قيادات الجيش على أسرة الشهيد "اعتبروا ابنكم مفقودا".

وطوال عشرين عاما النار تأكل قلب شيخ بلغ من الكبر عتيا، وأخوه محمود، وشقيقاته يرتدين السواد منتحبات على المفقود.

وقام الجيش المصري بتسهيل رحلة حج لوالد الشهيد "زكريا خليل" في محاولة منهم لتخفيف الأمر عليه، لكنه لم يتحمل ومات بعد عودته من الأراضي المقدسة.

وتبدأ قصة الشهيد بصدور التعليمات في أكتوبر‏73‏ لطاقمه المكون من ‏8‏ أفراد بالصعود إلى جبل (الجلالة) بمنطقة رأس ملعب.

وعند حلول الظلام وبينما يستعدون للانطلاق لأرض المهمة‏،‏ ظهر البدويان ثانية وأخبرا النقيب صفي الدين غازي أن الإسرائيليين قد أغلقوا كل الطرق‏،‏ ومع ذلك وتحت ستار الليل تمكنت المجموعة من التسلل إلى منطقة المهمة بأرض الملعب واحتمت بإحدى التلال.

وطلب منهم قائدهم تخفيف بعض الأعمال وقاموا بترك الطعام وأخذوا المياه، لأنهم صائمون، وقالوا لصديقهم القبطي "خذ الطعام"، لكنه قال لهم: "أنتم لستم أفضل مني"، وترك طعامه، وفضلوا جميعا حمل أسلحتهم بدلا من الطعام.

وكان دورهم هو السيطرة على الإسرائيليين القادمين من خلال تضييق الخناق عليهم، وبدأت المعركة بالرشاشات على الفارين منها‏،‏ وفي هذه المعركة قتل ‏12‏ إسرائيليا‏،‏ ثم عادت المجموعة لنقطة انطلاقها غير أنها فوجئت بطائرتين هليكوبتر تجوب الصحراء بحثا عن أي مصري للانتقام منه‏،‏ ثم انضمت إليهما طائرتان أخريان وانبعث صوت عال من احدي الطائرات يطلب من القائد غازي تسليم نفسه مع رجاله.

وقامت الطائرات بإنزال عدد من الجنود الإسرائيليين بالمظلات لمحاولة تطويق الموقع وقام الجندي حسن السداوي بإطلاق قذيفة (آر‏.‏بي‏.‏جي) على إحدى الطائرات فأصيبت وهرع الإسرائيليون منها في محاولة للنجاة، وتلقفهم سيد زكريا أسد سيناء برشاشه وتمكن من قتل‏22‏ جنديا، وقام جندي إسرائيلي كان أصيب بنيران سيد زكريا، بقتل الشهيد، وأخذ متعلقاته ثم روى هذا الجندي هذه الواقعة في التسعينيات من القرن الماضى وجاءت على إثرها وسائل الإعلام إلى الأقصر لتغطية الحدث.

وقال خالد زكريا، إن متعلقات الشهيد ضمت 130 قرشا، ومحفظة وجوابا كان يريد إرساله وفيه:

" بسم الله الرحمن الرحيم أخي العزيز أحمد زكريا خليل تحية طيبة وبعد،،
إنني أكتب لك هذه الرسالة وأنا في ظروف غير عادية، أما إذا اصبحت شهيدا فلا تحزنوا على أبدا، لأني سأكون في منزلة عند الله لا يصل إليها أحد إلا الأنبياء، وقال الله في كتابه الكريم "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون" صدق الله العظيم، وهذا مرادي من الله عز وجل وهذا ما أتمناه طوال حياتي.
ملحوظة: احتفظوا بهذه الرسالة ربما تكون الأخيرة مني لكم والله أعلم
سيد زكريا 4 أكتوبر 1973".

وطالبت أسرة الشهيد تكريم السيد زكريا من خلال وضعه في مناهج التعليم، وعمل جدارية تضم اسمه داخل المدرسة التي أطلقت على اسمه في مسقط رأسه، وعمل كتاب لتحفيظ القرآن يحمل اسم الشهيد لتخليده في مسقط رأسه.
الجريدة الرسمية