رئيس التحرير
عصام كامل

وزير التموين.. أرجوك تقدم أكثر


أندهش جدا حين أرى مسئولا يتحدث في الاقتصاد وفقا لما تقوله الكتب، وما يقوله تاريخ الدول الرأسمالية خارج مصر، الكتب وتاريخ هذه الدول يقول بحق إنه إذا كثرت الأموال في يد الناس يرتفع سعر البضاعة المعروضة نظرا للإقبال الشديد عليها والعكس صحيح..


أي إذا زادت البضاعة عن القوة الشرائية كسدت وانخفضت أسعارها، في مصر منذ أعلنت الدولة في عهد السادات الدخول في منطقة المشروع الحر وتدشين عصر جديد من الرأسمالية وحتي الآن يحدث العكس، وآخر تجليات الظاهرة المعاكسة هذه هو ما حدث حين ارتفع سعر الدولار منذ عدة أشهر، بالمناسبة لا أنسي أنه كان يرتفع ورئيس الوزراء العجيب في ذلك الوقت هشام قنديل يخطب في مؤتمر صحفي ويتحدث عن قوة الاقتصاد المصري وما انتهي من الخطاب حتي كان الدولار قد وصل سعره الرسمي إلى سبعة جنيهات، فزادت كل البضائع المستوردة في نفس الدقيقة رغم أن أحدا لم يستورد بضاعة جديدة بعد.

في الدول الرأسمالية الحقيقية، يظل سعر البضاعة السابق إنتاجها على ارتفاع سعر العملة كما هو، ويرتفع سعر البضاعة المنتجة بعد الارتفاع، وتجد علبة سجائر مثلا بسعرها القديم وعلبة بسعرها الجديد وتندهش فيقول لك البائع هذه العلبة إنتاجها قديم ولم تنفد بعد، لا يرتفع سعر البضاعة القديمة المنتجة قبل ارتفاع سعر العملة، هنا يحدث العكس لأنه لا رقابة على الأسواق، بل لا رقابة على المنظومة الرأسمالية كلها، لقد انفتحت البلاد منذ عصر السادات للرأسمالية الجشعة وأكثر الذين ظهروا في هذا المجال هربوا بالأموال أو لايزالون، وأبشع أنواع الجشع وأسهله في التجارة، فالمنتجات الزراعية تؤخذ من الحقول بأسعار بخسة جدا وتباع بأسعار مضاعفة بالعشرات، التاجر هنا يتحكم في سعر المنتج من الأرض وفي سعر بيعه والدولة غائبة تماما.

ومن الظواهر المضحكة والمحزنة أيضا ما جري مع الحظر، كيف ارتفعت أسعار كل المنتجات الزراعية والصناعية رغم أن الحظر يعني نقصا في القوة الشرائية، يعني كسادا في البضاعة. ما كان التاجر قد تعود على بيعه في 24 ساعة لن يبيعه في 12 ساعة.. ارتفعت أسعار كل شيء، لذلك أنا مع وزير التموين في محاولة ضبط الأسعار وفرض التسعيرة الجبرية. بل معه في الحسم في ذلك وعدم الرضوخ لأية معارضات.

في الدول الرأسمالية هناك رقابة صارمة على الأسعار، وكما أنه من حق الدولة التدخل لحماية الرأسماليين من الإفلاس حقا بإقراضهم أو بتخفيض ضرائبهم أو غيره فمن حقها أيضا مراقبتهم وإيقافهم عن الجشع ومعاقبتهم التي تصل إلى حد التأميم والمصادرة، ليس معني الرأسمالية حرية الجشع، أنتظر من وزير التموين إجراءات أكثر شدة مع هؤلاء الذين جعلوا حياتنا جحيما وصلت فيه علبة التونة إلى 11 جنيها، يعني ضعف ما كانت عليه قبل ارتفاع سعر الدولار الذي ارتفع بمقدار 30 % وليس100 % وغير ذلك كثير كثير ترونه حولكم في كل شيء.
الجريدة الرسمية