رئيس التحرير
عصام كامل

الدكتور منصور عبد الوهاب المترجم العبرى لـ «مبارك»: «فساد القادة» خطة «تل أبيب» لتشويه نصر أكتوبر

فيتو

  • إسرائيل اعترفت بالهزيمة بعد الإطاحة بنظام الإخوان.. و30 يونيو أربكت حساباتها السياسية
  • زعماء وجنرالات تل أبيب يعترفون بأنها كانت هزيمة ثقيلة للمنظومة الأمنية الإسرائيلية
  • مسح فكرة الانتصار المصري وترسيخ عقيدة أن ما حدث في أكتوبر كان انتصارًا إسرائيليًا

أكد الدكتور منصور عبد الوهاب - المتخصص في الشئون الإسرائيلية والمترجم العبرى للرئيس الأسبق حسني مبارك أن انتصار أكتوبر أحدث زلزالا داخل المجتمع الإسرائيلي طوال أربعة عقود مضت دفع إلى إنشاء منظمات متطرفة على وجه الخصوص، تهدف إلى ترسيخ عقيدة أن الأرض العربية إسرائيلية.

عبدالوهاب أرجع في حواره مع "فيتو" بمناسبة الذكرى الأربعين لحرب 73 اعترافات قادة الكيان الصهيونى بالانتصار المصرى إلى إفراج وزارة الدفاع الإسرائيلية عن الوثائق التي تثبت تحطيم مصر أسطورة إسرائيل، وذلك عقب ثورة 30 يونيو والتفاف الشعب حول وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، مما بث الرعب داخل القياده الإسرائيلية وأفقدها توازنها على خلفية سقوط الرئيس المعزول محمد مرسي والذي اعتمدت عليه في تخليص تل أبيب من مشاكل فلسطين.

وفيما يلى نص الحوار:

كيف أثر انتصار أكتوبر في العقيدة القتالية الإسرائيلية؟
أثر بشكل كبير على عقيدة القتال لدى إسرائيل، فقد كانت ترى قبل 73 أنها صاحبة الجيش الذي لا يهزم، وذلك بسبب حرب 48 وإعلان قيام الدولة الإسرائيلية والذي فسرته العقيدة الصهيونية باستجابة الأرض لإرادة الرب، واعتبارهم نكسة يونيو 67 تأكيدا لاستجابة الأرض لهم مرة ثانية، خاصة أن إسرائيل استولت فيها على سيناء والجولان والقدس والضفة الغربية في ستة أيام، فجاء نصر أكتوبر 73 ليكسر هذا الإحساس ويزيل هذه المسلمات من داخل العقيدة الإسرائيلية، ومع لجنة أجرانات والتحقيق في حرب أكتوبر واتهام أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بالتقصير، ظهر جيل في تل أبيب يشكك في أن حرب أكتوبر انتصار مصري كامل، وبدأ يرسخ بأنها كانت انتصارا لليهود، مع الاعتراف بأن مصر في بداية الحرب كانت متفوقة عسكريا، ولكن بعد أربعة أيام من الحرب بدأ الدعم الأمريكي لإسرائيل وحدثت الثغرة وبدأ ترويج أن الجيش الإسرائيلي كان أقرب للقاهرة من تل أبيب.

وما الغرض من التشكيك في حقيقة انتصار مصر في الحرب؟
هو مسح فكرة الانتصار المصري على الجيش الإسرائيلي، وترسيخ عقيدة أن ما حدث في أكتوبر كان انتصارا إسرائيليا لولا الثغرة، وذلك بعدما انكسرت العقيدة القتالية لدى الشباب والمجتمع الإسرائيلي في أعقاب الحرب، والهدف من ذلك هو بناء مقاتل إسرائيلي وشباب داخل المجتمع غير منكسر بسسب ما فعلته هذه الحرب من إحباطات داخل المجتمع والقيادة الإسرائيلية، بعد تكبد جيشها ما يقرب من 2500 قتيل في هذه الحرب.

كيف أخفقت المخابرات الإسرائيلية في هذه الحرب؟
بفضل العبقرية المصرية وخطة الدفاع الاستراتيجي التي صنعها الرئيس السادات، كما قابل التفوق الكبير لإسرائيل في السلاح بفضل الدعم الأمريكى تفوق الجيش المصري في العزيمة والروح القتالية.

لماذا اعترفت إسرائيل هذا العام ولأول مرة بالانتصار الكامل لمصر في حرب 1973؟
بسبب اعترافات القادة الإسرائيليين بعد الوثائق التي أفرجت عنها وزارة الدفاع الإسرائيلية، بالإضافة إلى شهادة رئيسة وزراء الكيان الصهيونى آنذاك "جولدا مائير" أمام لجنة أجرانات بهزيمة تل أبيب في هذه المعركة، وخرجت هذه الاعترافات في العام الجارى خصيصا بسبب ثورة 30 يونيو والإطاحة بنظام الإخوان المسلمين من الحكم، وذلك لأن ظهور الفريق أول عبد الفتاح السيسي يبعث رعبا داخل المنظومة الأمنية والقيادة السياسية الإسرائيلية، كونهم يرونه جمال عبد الناصر القرن الـ21- ليس فقط في قراراته وإنما أيضا يرعبهم التفاف الشعب حوله، والدليل على ذلك استجابة الشعب لدعوة السيسي بالنزول في 26 يوليو الماضي بما يزيد على 35 مليون مصري لتفويضه بمكافحة الإرهاب، وهو المشهد الذي أرعب إسرائيل وأمريكا والغرب بصفة عامة.

معنى هذا أن إسرائيل لم تكن لتعترف بهذا الانتصار إذا لم تندلع ثورة 30 يونيو؟
بعد ثورة 30 يونيو شعرت إسرائيل بأنها مقبلة على استراتيجية جديدة، الفاعل فيها هو الشعب، عكس ما كان يحدث في الأنظمة السابقة بأن الحاكم كان صاحب القرار، والثورة أثبتت التفاف الشعب حول الجيش وهذا ما تسبب في حالة عدم اتزان لإسرائيل بشكل عام وجعلها غير قادرة على رؤية التاريخ أو المستقبل، ففترة المعزول مرسي كانت أزهى فترات إسرائيل كونه حقق لهم كل مطالبهم وحل كل مشاكلهم المتعلقة بالقضية الفلسطينية بالتنازل عن سيناء لحماس، مما يريح إسرائيل من مشاكل تكدس السكان في قطاع غزة والمطالبة بحق العودة للأرض الفلسطينية وغيرها من المشاكل التي كانت تواجه تل أبيب.

وما تفسيرك لتصريحات وزير الدفاع موشيه يعالون ورئيس الأركان الإسرائيلي بني جانتس في الذكرى الأربعين لنصر أكتوبر ؟
تصريح رئيس الأركان بأن الهزيمة جاءت نتيجة لفساد القيادات السياسية في إسرائيل حينها، نوع من الحرب النفسية التي يشنها الجيش الإسرائيلي على الجيش المصري في ذكرى نصر أكتوبر، ويهدف إلى نزع كفاءة القتال من الجيش المصري، وذلك بإظهار أن الإخفاق الإسرائيلي في الحرب لم يأت لكفاءة الجيش المصري القتالية والعبقرية في التخطيط، بهدف بث روح الإحباط داخل المجتمع المصري والتقليل من عزيمة جيشه القتالية ونزع التفوق المصري وإظهار للرأي العام العالمي أن أي هزيمة إسرائيلية تكون نتيجة فساد داخلي، وجاءت تصريحات "موشيه يعالون" بأن الحرب تمثل حدثا مؤلما للمحارب الإسرائيلي واقعية بعض الشيء، وهذه سمة بعض القادة الإسرائيليين مثلما اعترف بعضهم في حرب لبنان 2006 بأن المواجهة ليست في صالح الجندي الإسرائيلي أمام الجندي العربي في ميدان المعركة.

وكيف قضى الجيش الإسرائيلي فترة ما بعد حرب أكتوبر وحتى توقيع اتفاقية السلام ؟
المجتمع الإسرائيلي بدأ بتشكيل لجنة تحقيق رسمية إبان الحرب للتحقيق في الهزيمة - وهذا رد صريح على أي مشكك في انتصار مصر الكامل في الحرب - وبعد ذلك بدأت إعادة صياغة المسلمات التي يؤمن بها الجيش الإسرائيلي والمتمثلة في أن الجيش الإسرائيلي لا يقهر وأنه صاحب الكلمة العليا في المنطقة، فاختفت تماما هذه المعتقدات وبدأ تغيير جذري في الفكر الإسرائيلي، واختفت المصطلحات الصهيونية المتعلقة بالأرض والمستوطنات من الأعمال الأدبية بعد الحرب، وبدأت المراجعات الفكرية لمجموعة النخبة والمفكرين والمجتمع حول التمسك باحتلال الأراضي العربية، وذلك لمدة 10 سنوات على الأقل بعد الحرب.

كيف أثرت الحرب على المجتمع الإسرائيلي من الداخل؟
انتصار أكتوبر صنع شيئين في الداخل الإسرائيلي؛ الأول هو بدء إنشاء المنظمات المتطرفة مثل "جوش أمونيم" وحركة كاخ وغيرها.. بهدف إعادة ترسيخ المصطلحات الصهيونية والمحافظة عليها، والمتمثلة في أن الأراضي العربية إسرائيلية، وأن الجيش الإسرائيلي أعظم جيش، والثاني هو إنشاء حركة "السلام الآن" والتي تزامنت مع توقيع اتفاقية السلام وكان هدفها المطالبة بالسلام مع العرب، وهو ما يعكس الاختلاف الذي نتج عن الحرب داخل المجتمع الإسرائيلي.

وكيف رأى جنرالات وزعماء إسرائيل هذه الحرب ؟
في المرحلة الأولى بعد الحرب لم يعترف أحد من القادة والزعماء والجنرالات بأنها كانت انتصارا لإسرائيل، وإنما اعترف معظمهم بأنها هزيمة ثقيلة للمنظومة الأمنية الإسرائيلية.

ومتى ظهرت شائعة أن حرب أكتوبر انتصار لإسرائيل؟
في تسعينيات القرن الماضي، وأتذكر أنه عام 2009 أذاع التليفزيون الإسرائيلي بعض الفيديوهات للجنود الإسرائيليين وهم يصرخون عندما تم أسرهم على يد الجيش المصري، لذلك لا يمكن لأى قائد إسرائيلي الزعم بأن أكتوبر كان انتصارا لإسرائيل.
الجريدة الرسمية