رئيس التحرير
عصام كامل

الجارديان: التدخل العسكرى فى مالى "أسرع رد فعل سلبى ضد الإرهاب"

 التدخل الفرنسي في
التدخل الفرنسي في مالي

وصفت صحيفة "الجارديان" البريطانية التدخل العسكرى فى مالى بأنه "أسرع رد فعل سلبى حتى الآن فى هذه الحرب الكارثية على الإرهاب".
وأوضحت الصحيفة البريطانية -فى مقال تحليلى أوردته اليوم الأربعاء على موقعها الإلكترونى، أن التدخل الفرنسى فى مالى سيؤجج الإرهاب فى المنطقة، لا سيما أن تعزيزات الغرب فى أفريقيا لا يحركها سوى الصراع من أجل نهب واستغلال موارد القارة السمراء.

ولفتت الصحيفة إلى أن الحرب على الإرهاب لم تشهد أى نجاحات كما كان متوقعًا، ولكنها باءت بالفشل الذريع، وهذا يعد السبب وراء شعور إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما بأنه يتعين عليها تغيير اسمها إلى "عمليات الطوارئ فى الخارج".
ورأت الصحيفة أن هذه الحرب لم تكن حربًا على الإرهاب كما كان مفترضًا، بل كانت حربًا على العالم العربى والإسلامى لأكثر من عقد من قبل القوات الأمريكية والبريطانية وغيرهما، مؤكدة أنها لم تقض على الإرهاب بل ساعدت فى انتشاره بأرجاء المنطقة.
وأعادت الصحيفة إلى الأذهان أن التدخل الغربى فى ليبيا إبان فترة الثورة الليبية عام 2011 الماضى، كان له رد فعل سلبى أسرع بكثير تأثرت به دول الجوار وبرز بوضوح فى تداعيات الأحداث فى شمال مالى، ثم الجزائر.
وأشارت الصحيفة إلى إمكانية احتواء هذا التأثير، وذلك حال تأييد القوى الغربية التوصل إلى تسوية تفاوضية فى ليبيا، كما كان من الممكن تجنب الحرب الشاملة فى مالى فى حال دعمت فرنسا وأمريكا الحل السياسى بدلاً من العسكرى للقضاء على الانقسامات فى البلاد.
وأردفت الصحيفة تقول "إن التدخل الفرنسى فى مالى تمخض عنه أسرع رد فعل سلبى حتى الآن فى الحرب على الإرهاب، لا سيما فى ظل ما تبعه من استيلاء جماعات جهادية على مصنع غاز عين أميناس فى الجزائر الأسبوع المنصرم".
وأكدت صحيفة "الجارديان" البريطانية أنه برغم إمكانية أن يكون قد تم التخطيط لهذا الهجوم الإرهابى على أميناس بالجزائر منذ عدة أشهر، إلا أنه لا يمكن فصل هذا الهجوم عن تدخل الغرب المتزايد فى جميع أنحاء المنطقة.
ونوهت الصحيفة إلى أنه لا يمكن إنهاء الصراع الدائر إلا عن طريق التوصل إلى تسوية سياسية تحت إشراف القوات الإقليمية الإفريقية، خاصة أن كل التجارب الماضية تشير إلى أن هذا الصراع قد يمتد إلى أجل غير مسمى، مرجحة أنه قد يعزز بدوره تجنيد الجهاديين والجماعات المتطرفة فى ظل تركيز إقليمى نحو استهداف الدول الغربية.
ورأت الصحيفة أن الأسباب الكامنة وراء تزايد التدخل العسكرى الغربى فى أفريقيا -من انتشار القواعد الأمريكية تحت قيادة أفريقية-أمريكية، مرورًا باستئناف فرنسا لتدخلها الروتينى المسلح عقب فترة ما بعد الاستعمار، ما هو إلا صراع من أجل الموارد والسيطرة الاستراتيجية، فى مواجهة توسع الدور الاقتصادى للصين فى القارة.
وتابعت الصحيفة قولها "إن الموارد الطبيعية فى شمال وغرب أفريقيا لا تقتصر فقط على النفط والغاز، ولكن يوجد أيضًا اليورانيوم فى دول مثل النيجر ومالى، لافتة إلى أن الحرب ضد الإرهاب كانت منذ فترة طويلة بمثابة غطاء لإضفاء الشرعية على هذه الحرب العدوانية".
واستنكرت الصحيفة فكرة أن الجهاديين فى مالى، أو الصومال يشكلون تهديدًا لبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة أو العالم الأوسع واصفة إياها بأنها محض هراء، معتبرة أن فتح جبهة جديدة فى الحرب على الإرهاب فى شمال أفريقيا ومنطقة الساحل، مع حملات قاتلة أخرى للطائرات بدون طيار، إنما يعد كارثة محتملة للمنطقة ومخاطرة بانبثاق رد فعل سلبى جديد أبعد من ذلك.
وخلصت "الجارديان" إلى أن السنوات العشر الماضية أثبتت أن مثل هذه التدخلات لا تحل الأزمات، ناهيك عن التعامل مع أسباب الإرهاب، ولكنها تعمق وتسفر عن صراعات جديدة، مشددة على أن المزيد من التدخل العسكرى سيعزز الأنظمة الاستبدادية، وسيفسد العلاقات المجتمعية وهذا هو الثمن الذى يجب أن يتم دفعه مرارًا وتكرارًا.
الجريدة الرسمية