رئيس التحرير
عصام كامل

حاتم باشات يكشف المستور في صندوق " 73 ": المخابرات خططت لحرب أكتوبر زى ما بيقول الكتاب

حرب أكتوبر
حرب أكتوبر

إسرائيل استغلت كل يهود العالم القادمين إلى مصر بجنسيات مختلفة
>>فتحنا جميع خطابات البريد للإيقاع بالجواسيس
"أكتوبر" انتصار على الغرب

خطة الخداع الاستراتيجى بدأت مع "الاستنزاف"

> دور روسيا ظهر بعد النكسة بتزويد مصر بالأسلحة الحديثة والتدريب المشترك، وحرصها على وجود تعاون عسكري، بعكس فترة ما قبل هزيمة 67 التي شابها تقصير تجاه مصر


أكد اللواء حاتم باشات وكيل جهاز المخابرات الأسبق أن خزانة حرب أكتوبر ما زالت تحوى الكثير من الأسرار التي لا يعلم عنها الرأى العام شيئا بعد مرور 40 عاما، موضحا أنه ليس في مصلحة جهاز المخابرات الإعلان عنها.
باشات أكد في حواره مع "فيتو" أن جهاز المخابرات المصرى استطاع بعد نكسة يونيو وضع خطط كيفية استرداد كرامة المصريين مرة أخرى حتى تحقق النصر في حرب كانت مفاجئة لجميع أجهزة الاستخبارات العالمية، لا سيما ال«سى آى إيه» الأمريكية والموساد الإسرائيلى.. وأسرار أخرى يكشفها الحوار التالى:

ما أهمية خطة الخداع الاستراتيجى التي تفوقت بها المخابرات المصرية على أجهزة المخابرات العالمية ؟
بعد نكسة يونيو 67 مباشرة بدأت مصر فى وضع خطط لتصحيح الأخطاء والإعداد لمعركة فاصلة لاسترداد كرامة المصريين بصفة خاصة، وكانت معركة إيلات خطوة في توجيه إنذار لإسرائيل بأن مصر ما زال لديها جيش لم يهزم، وقد بدأت خطة الخداع الاستراتيجى مع حرب الاستنزاف، وحرصت مصر خلال هذه الفترة على السرية في كل شيء وكيفية إخفاء الأسلحة والتدريبات وإمداد الأعداء بمعلومات مضللة، ومنها على سبيل المثال أنه بعد تدمير سلاح الطيران المصرى كان لا بد من إخفاء الطيارات الجديدة التي يتم تصنيعها لتقوية سلاح الدفاع الجوى، فتم إنشاء مطارات هيكلية لتغطية الطيارات ووضع بعضها تحت الأرض حتى لا تكون مكشوفة أمام العدو خاصة أن لدينا سماء مفتوحة تسهل معرفة أماكن الطيارات وضربها.

ما هو الدور الروسي في حرب أكتوبر ؟
بدأ دور روسيا يظهر بعد النكسة بتزويد مصر بالأسلحة الحديثة والتدريب المشترك، وحرصها على وجود تعاون عسكري، بعكس فترة ما قبل هزيمة 67 التي شابها تقصير تجاه مصر فلم تعطنا معلومات كافية، وكانت روسيا المصدر الرئيسي لمصر في سلاح الطيران، وبصفة خاصة الطيارات المقاتله "ميج "، وكان من أهم أسباب انتصار أكتوبر قوة سلاح الدفاع جوى الذي حمى السماء من العدو بعد اعتماد إسرائيل في 5 يونيو على سلاحها الجوى، وقبل الحرب أنهت مصر عمل وتواجد الخبراء الروس لتجنب احتمال عدم أمانتهم.

رغم قوة جهاز المخابرات الأمريكى إلا أن واشنطن فوجئت بالحرب.. لماذا ؟
حرب أكتوبر فاجأت كل الدول بما فيها أمريكا، لأن مصر استطاعت التحكم في عناصر المخابرات الأجنبية في كل الدول الأوربية وكذلك إسرائيل وبعض الدول الأفريقية، وذلك من خلال المتابعة الأمنية لهم، وأرى أن كل الأفلام والقصص المخابراتية الحقيقية كانت في ذلك التوقيت مثلما يقول الكتاب، بعكس عمليات التجسس اليوم التي أصبحت مفتوحة.
ففي فترة ما بين الاستنزاف حتى حرب أكتوبر كانت عمليات المخابرات صعبة للغاية، وكان جهاز المخابرات حريصا على متابعة كل الأفراد المشكوك فيهم لدرجة فتح كل خطاب بريد يدخل ويخرج من مصر، وكذلك حركة المطارات والمسافرين خارج مصر كثيرا، ومتابعة العملاء المزدوجين، وكانت خطابات البريد في هذه الفترة تحتوى على تعليمات للعملاء أو إرسال التمويلات وكلها بالحبر السري.

هل الدراما والسينما قدمتا أغلب أبطال العمليات المخابراتية ؟
يوجد الكثير من الأبطال والعملاء المصريين الذين ساهموا في انتصار أكتوبر وتزويد مصر بالمعلومات عن إسرائيل لم يتم الكشف عنهم للتاريخ، وذلك لأن الإعلان عنهم له تأثير سلبي على جهاز المخابرات، وقبل تجسيد بطولات التجسس في الدراما لم يكن الناس يعلمون طبيعة عمل المخابرات، فجهاز المخابرات هو الجندى المجهول لا يجب الكشف عن أساليبه التي دائما تتجدد باستمرار، وكذلك عملائه.

ماذا عن المعركة المعلوماتية بين المخابرات المصرية والإسرائيلية ؟
دارت بين الجهازين معركة عنيفة مثل لعبة الشطرنج، وكل جهاز حاول تكسير الآخر وإحباطه والكشف عن عناصره، ولم يكن جهاز المخابرات المصري يحارب إسرائيل ويجند العملاء اليهود فقط من إسرائيل بل كان يحارب العالم الغربي كله، وكان موشيه ديان دائما ما يقول "أستطيع أن أضع الدول العربية كلها في قبضة يدى ولكن مصر التي تمنعنى من ذلك "، فكان التركيز الإسرائيلي كله على مصر باعتبارها حامية العالم العربي، وكان يتم استغلال العناصر اليهودية التي تدخل مصر بجنسيات مختلفة، فرغم أن كوبا كانت تؤيد عبدالناصر بشدة ولكن اليهود الكوبيين كان انتماؤهم إلى إسرائيل ومن يدفع لهم المال، لذلك كانوا يدخلون مصر لجمع معلومات، وكانت قبرص محطة كبيرة لليهود، وجهاز المخابرات في ذلك الوقت حارب في جهات متعددة منها بعض الدول العربية التي كان يأتى منها اليهود أيضا للتجسس، ومنها كشف مصر لجاسوس يهودى من سوريا تمكن من أن يصبح عضوا في البرلمان وذا مستوى عالى وصاحب قرار.

هل فوجئت إسرائيل بالهجوم في 6 أكتوبر رغم وجود إشارات قوية باقتراب الحرب ؟
بالتأكيد كان الهجوم مفاجأة لإسرائيل والعالم أجمع، ففى فترة ما قبل الحرب كانت عملية الخداع مستمرة من خلال إيهام العدو بأن مصر في حالة تعبئة عامة، والخداع هو السبب الرئيسي في نجاح الحرب فضلا عن التنسيق بين القوات المسلحة والمخابرات العامة والحربية والأفكار المتشابكة بينهم، وعمل حالات تعبئة عامة على فترات متقطعة رغم ارتفاع تكلفتها جعل إسرائيل تعتقد أن حرب أكتوبر مناورة بسيطة كسابقتها ثم فوجئت بالحرب، كما كانت الدول الأوربية لديها انطباع أن مصر لن تستطيع الحرب بسبب الإشارات التي كانت تعطى للعملاء على المستوى الدولى بعدم وجود حرب.

وماذا عن الأمريكان ؟
حرب أكتوبر كانت مفاجئة للجميع لذلك تدرس العمليات العسكرية وخطة الخداع الاستراتيجى - التي لم تخطر على بال أحد - في العالم كله، فقد كان أسلوب الخداع فائق النجاح لدرجة أن أمريكا لم تستوعب ما حدث، خاصة مع إغلاق قناة السويس التي استغلتها واشنطن في النكسة بوضع مركب يشوش على الاتصالات بين القيادات في القاهرة وسيناء، فلم تستطع تكرار ذلك في حرب أكتوبر، بالإضافة إلى أن التدريب على أساليب اقتحام خط بارليف كان يجرى في الأقصر وأسوان بعيدا عن الرصد الجوى والمخابراتى، كما شارك جهاز المخابرات في شراء التوربينات اللازمة لهدم خط بارليف من الباطن بأساليب ملتوية.

هل توجد أسرار لحرب أكتوبر ما زالت خفية ولا يعلم الرأى العام عنها شيئا بعد مرور 40 عاما ؟
بحكم أنى رجل عسكري ومخابراتى من الممكن أن تكون هناك أسرار لم تظهر ويتم التحفظ عليها لأسباب شخصية، لكن لو كانت لأسباب عسكرية يجب أن تظهر، والأسباب الشخصية هذه تتعلق مثلا باختلافات في وجهات النظر وتوقيتات الحرب ولا يفضل إعلانها حتى لا تؤثر على انطباعات الشعب بالنسبة لبعض القيادات التي أدت دورها على المستوى العسكري.
الجريدة الرسمية