رئيس التحرير
عصام كامل

فى منزل سيادة الفريق !


فجأة.. قال لي أستاذنا الكبير الدكتور عبد الرحمن سعد، الأستاذ بجامعة بنها: غدا سنلتقي سيادة الفريق.. سأنتظرك بالقرب من منزله.. عند جامع الفتح بمصر الجديدة.. وربما في شارع يحمل الاسم نفسه..! استكملت تفاصيل العنوان وكنت في الموعد المحدد كما اتفقنا.. كان في استقبالنا علي الباب.. فيلا صغيرة من دورين ربما كانت تابعة للقوات المسلحة..لا خدم يستقبلك ولا سكرتارية تصطحبك إلي حيث تنتظر مجىء صاحب البيت كما يفعل آخرون.. يسير معنا سيادة الفريق بقامته الطويلة وقيمته الكبيرة مرحبا بكل آيات الترحيب.. وفي صالون فيلته يقدم لنا كل شىء بنفسه.. وكأننا في دوار صعيدي يذهب صاحب البيت عند باب الضيافة ليعود بما يقدمه لضيوفه.. وهو الأمر نفسه الذي تكرر معنا بكرم بالغ عند زيارته في استراحته بالإسكندرية مع أساتذة أعزاء لنا من بينهم المهندس مصطفي الغزاوي القيادي الناصري الكبير والأستاذ حسن بديع رئيس تحرير الدستور الآن..


كانت الصدفة وحدها جعلت الفريق أول محمد فوزي، أكبر أعضاء اللجنة المركزية للحزب الناصري سنا.. وكنت أصغر أعضائها.. كانت اللجنة تضم وزراء وأغلب رجال جمال عبد الناصر.. وفنانون وصحفيون وأساتذة جامعة كبار.. وجمعتنا رغم الفارق الكبير في السن والمكانة والدور مهمة حل الخلافات الناصرية والتوسط فيها.. وكنا نعتبره مع الأساتذه ضياء الدين داوود ومحمد فائق وعبد المحسن أبو النور وسامي شرف كبار العائلة الناصرية.. ومطلوب منهم استعادة قيادات كبيرة للتيار وللحزب علي رأسهم القطب الكبير الراحل فريد عبد الكريم.. تناقشنا لساعات في أشياء كثيرة.. وتفاصيل أكثر.. وكان لا ينظر إلي فارق السن الكبير إلا بالتشجيع والتأكيد علي ضرورة تحمل المسئولية وأن الأمل في الشباب..

كانت مهمة جديدة لقائد عسكري كبير.. إعادة بناء الجيش المصري من جديد.. اشتهر بالحزم والصرامة والشدة ولم تكن الأمور تحتمل إلا ذلك.. طلب من جمال عبد الناصر إلحاق أصحاب المؤهلات العليا ووافق.. وطلب منه أن يرتفع مستوي التدريب حتي لو كلف الجيش خسائر أعلي ووافق.. طلب أنواعا من الأسلحة وفرها عبد الناصر فورا.. وكان الصمود ثم الاستنزاف.. فكان الفريق فوزي أول من عبرت قواته قناة السويس فعليا مرات ومرات.. وهو من أذاق رجاله من الصاعقة المرار للإسرائيليين.. وهو القائد العسكري الذي جعل إسرائيل تصرخ طوال ألف يوم وتطلب من العالم التدخل والوساطة.. وفي مايو 71 يعتقله السادات ليقضي سنوات طويلة في السجن بتهمة التآمر لقلب نظام الحكم.. رغم أنه لم يتآمر ولم يترك ساحة القتال إلا عند تقديم استقالته وعودته إلي بيته!!

وبالأمس منحت مصر وساما رفيعا للقائد الكبير تقديرا وتكريما له.. وهو التكريم الذي تأخر كثيرا لرجل غيبه السجن سنوات بعد أن أعد جيش مصر للمعركة مؤديا واجبه كما ينبغي.. وهو أيضا القائد الذي نجح مع الإسرائيليين وفشل مع الناصريين!

سلام علي قائد عسكري عظيم.. أعاد للعسكرية المصرية مكانتها وكرامتها ومعه رئيس أركانه العظيم الفريق عبد المنعم رياض.. سلام عليه في يوم نصر بناه وشارك فيه وأعد له ما استطاع من قوة ومن علم وتعليم.. وسلام علي روحه الطاهرة التي هي بإذن ربها مع الصديقين والأبرار!
الجريدة الرسمية