الوضع الاقتصادى الراهن والحد الأدنى للأجور والمرتبات
من المؤكد أن الوضع الاقتصادى الراهن يعانى من حالة ركود وكساد كبير، تدل عليها بوضوح تلك الإحصائيات التى أدلى بها رئيس الجمهورية، بداية من ارتفاع معدل الدين الخارجى وكذلك الدين الداخلى وارتفاع معدل البطالة والتضخم والذى يعنى ارتفاع الأسعار على نحو كبير..
كما أن هناك عجزا كبيرا فى الميزان التجارى، أى أننا نستورد أكثر بكثير جداً مما نصدر.. وهو ما يعنى انخفاض رصيدنا من العملات الصعبة التى تعد ذات أهمية كبيرة ليس فقط لشراء ما يعرف بالسلع الرأسمالية ( المعدات والآلات)، اللازمة لدعم القاعدة الصناعية من خلال إقامة المزيد من الصناعات والتى تعنى فى ذات الوقت تنشيط حركة الاقتصاد القومى من خلال إنتاج السلع التى يحتاجها أو ما يعرف فى علم الاقتصاد بإشباع منحنى الطلب الداخلى على السلع الاستهلاكية، ومن ثم يتم تقليل حجم ما يتم استيراده من السلع وتوفير العملات الصعبة التى تتفق عليها..
هذا الركود الاقتصادى وارتفاع معدل التضخم يعنى شيئا آخر غاية الأهمية، وهو انخفاض القوى الشرائية لدى المواطن، أى ما يمكن أن يشتريه من سلع وخدمات بالجنيه المصرى، وطالما أن المعروض من السلع والخدمات قليل ويتم استيراد معظمه من الخارج ولاسيما المواد الغذائية، فإن ذلك يعنى شيئا واحدا وهو تحرك المواطن على ما يعرف بمنحنيات السواء، وهو ذلك المنحنى الذى يوزع عليه المواطن احتياجاته من السلع والخدمات وفى ظل حالة الاستقرار الاقتصادى وتراجع قوته الشرائية، فهو ينزل إلى منحنى أقل وهو ما يعنى استغناؤه عن العديد من السلع أو تقليل كمياتها ومن ثم تزيد معاناته اليومية، وهو يتطلب على منحنيات السواء لأن ارتفاع أسعار السلع كل يوم يجعله فى حالة ارتباك..
من هنا، فإن عملية هيكلة الأجور أو الحد الأدنى للأجور يعد من الأهمية بمكان، ولكن لابد أن يكون له ضوابط واشتراطات وهى أنه إذا ما تم رفع الحد الأدنى للأجور دون تنشيط للاقتصاد القومى بقطاعاته المختلفة لكى ما يضم منتجاً دون زيادة المعروض من السلع والخدمات المنتجة محلياً، فإن ذلك من شأنه أن يؤدى إلى ارتفاع الأسعار على نحو كبير جداً ويفقد المواطن قيمة الزيادة التى حصل عليها وربما أيضاً جزءً من قوته الشرائية الأساسية..
وهنا نجد أن الزيادة سوف تصبح ظاهرة تؤدى إلى زيادة معدل التضخم.. كما أن تحديد الحد الأدنى لابد أن يرتبط به تحديد الحد الأقصى عددياً، كأن نقول إن الحد الأقصى 35 مرة من الحد الأدنى ذلك المؤشر لابد أن يتم تجديده بناءً على دراسة واقعية للوضع الاقتصادى وللطلب والعرض..
كما أن ذلك قد يؤدى فى ذات الوقت إلى ارتفاع كبير جداً لأعداد كبيرة على النحو الذى لا يتحمله الاقتصاد القومى أن النسبة والتناسب ما بين الحد الأدنى والحد الأقصى لابد أن تضيق ولا تصل إلى ذلك الرقم الذى من شأنه أيضاً أن يؤدى إلى ارتفاع معدل التضخم فى الأسواق أن حالة الاقتصاد المصرى لا تتطلب أو تسمح بأية زيادات وأن هذه الزيادة النقدية أو الورقية يمكن أن تؤتى ثمارها إذا ما كان هناك تحريك للاقتصاد القومى ودوران عجلة الإنتاج، بحيث أن كل طلب يقابله عرض ( المعروض من السلع والخدمات )، مناسب ومن ثم يمكن أن يشعر المواطن بالفارق فى قوته الشرائية ويتحسن مستوى حياته وتقل معاناته الأمر غاية الصعوبة ولكن إذا ما تم على نحو علمى ومدروس من شأنه أن يدعم الاقتصاد القومى من جهة ويؤدى إلى توازن الأسعار من جهة أخرى وتحقيق الهدف منه ألا وهو تحقيق العدالة الاجتماعية .