رئيس التحرير
عصام كامل

معاً ضد المرض


يتعرض المصريون والدول العربية والأفريقية جميعاً لسلسلة من التلوث فى كل نواحى الحياة فنجدهم يتعايشون مع التلوث الغذائى والهوائى والإدارى والأخلاقى، فأصبحوا مكبلين بقيودها تحيل بينهم وبين مسايرة الأمم المتحضرة وأصبحت سلسلة التلوث هذه تؤدى لسلسلة من الأمراض المستوطنة فى أجسادنا وعقولنا وهناك من يستثمر تلك الأمراض لمصلحته، فمعاً جميعاً ضد المرض من أجل عيشة أفضل لنا ولأحفادنا، معاً لتصحيح مسار السلوك الإنسانى الذى انحرف عن اتجاهه الصحيح لإعادة بناء أمة قوية متحضرة يحاول المفسدون والحاقدون إغراقها فى التخلف من مئات السنين .


السطور السابقة كانت مقدمة للجبهة التى أنشأتها لمحاربة أمراض العشوائيات التى أصابت مصر ومعظم الدول العربية والأفريقية، وسُميت هذه الجبهة بجبهة التنمية وبناء المجتمع وكان شعارها "معاً ضد المرض" .

ولم أقصد هنا المرض الجسمانى الذى نعانيه جميعاً وأطفالنا بسبب التلوث الغذائى والبيئى فقط بل يتسع المعنى أكثر من ذلك بكثير ليشمل التلوث فى كل نواحى حياتنا المعيشية من تلوث أخلاقى لغياب القدوة الصحيحة فى حياتنا لكثرة الكلام مع غياب الأفعال ونعانى تلوثا فى فهم الدين الحنيف أدى بنا لما نعانيه الآن من أمراض الإرهاب والانشقاقات التى نراها بين صفوف الأمة الواحدة .

ونعانى جميعاً عشوائية فى النواحى الإدارية الحكومية تعيق حياتنا اليومية بما فيها من تلوث روتينى عقيم يكبل أيادى المجتمع ويحيل بينه وبين سير الحياة الطبيعى.

فلكى نبنى أمة قوية تنافس الدول العظمى لا بد من هدم الأساسات المتآكلة فى المجتمع ونبدأ فى بناء الوحدة الوطنية لبناء أى دولة متحضرة وهى الإنسان البسيط الفقير الذى يسكن العشوائيات ونُحارب كل ما يحيط بهذا الإنسان من تلوث سمعى وبصرى وغذائى وهوائى لخلق وحدة بناء قوية قادرة على المنافسة العالمية .

لأن ببساطة هذا الإنسان البسيط هو الطبيب والعامل والمهندس والسائق والطباخ والموظف وكل الكادحين فى المجتمع، فكيف نبنى مجتمعا بوحدة بناء ضعيفة هشة وبأدوات صدئة غير قادرة على العمل!

وأتكلم أيضاً على التلوث التعليمى فى المدارس والجامعات الذى أفرزت لنا خريجا تائها لا يعرف كيف يستغل ما تعلمه فى إيجاد فرصة عمل يخدم بها مجتمعه وكأن ما صُرف عليه كان إهدارا للمال العام بلا فائدة .

العشوائية فى كل نواحى حياتنا وعدم الرقابة واحترام القانون وعدم تفعيله كان التلوث الذى أصابنا جميعاً بأزمات المرور والتعدى على المال العام فى احتلال الشوارع بالباعة وعدم صلاحية المترو بيئياً للاستعمال الإنسانى بما سُمح به بافتراش أرصفته بكل أنواع البائعة الجائلين، فأصبح من كان المترو وسيلته الوحيدة للوصول إلى عمله عرضة للتعرض لمرض الربو والأمراض الجلدية .

فهل هذا المترو بحالته التى وصل إليها الآن كما تسلمناه من الشركة الفرنسية؟ بالطبع لا والسبب هو مرض العشوائية والتساهل المرضى والبلطجة التى إن لم نبدأ فى علاجها ستفجرنا جميعاً وليس اختناقنا فقط، ربما نتلاشى بسبب التنافس غير الإنسانى على السير بأمان .

إذا أردنا أن نحيا ونتقدم فلا بد أن يشتمل الدستور على مواد تحافظ على البيئة وصحة الإنسان، وأن يكون هناك هيئات رقابية لها صلاحية القبضية القضائية لكل من يحاول إفساد البيئة وإعاقة المواطن وتلوثه سمعياً وبصرياً وبيئياً .
فلنبدأ بوحدة البناء الجيدة هذا إذا أردنا بناءً جيدا لدولة محترمة..  والله الموفق والمستعان.
الجريدة الرسمية