رئيس التحرير
عصام كامل

حينما تحول "أحمد حلمى" من كوميديان إلى فيلسوف!!


لماذا لا يكمل كوميديان مصرى مسيرته بنجاح؟، هذا هو السؤال الذى طالما كنت أسأله لنفسى، ولا أجد إجابة عليه، فدائماً يسير الممثل الكوميدى بخطوات ثابتة حتى منحنى معين ثم يسقط، فمنذ أيام إسماعيل ياسين وحتى يومنا هذا، مر على السينما المصرية مئات "الكوميديانات"، ولكنهم كانوا يقعون فى فخ الاستسهال أو التفلسف، وفى عصرنا الحديث شهدنا سقوط نجوم كبار مثل "محمد سعد" الذى كرر نفسه كثيراً ، فملّ منه الجمهور بسبب تقديمه لشخصية "اللمبى" مراراً وتكراراً، ومحمد هنيدى الذى سقط كثيراً فى بداية الألفية الجديدة، ثم عاد لنجوميته بفيلم "رمضان مبروك أبو العلمين"، ثم سقط مرة أخرى، بسبب عدم تكراره لنفسه فى أكثر من عمل، ثم "أحمد مكى" الذى صعد للقمة بسرعة الصاروخ، ليسقط أيضاً بسرعة الصاروخ بعد تقديم فيلمه الأخير "سيما على باب"، ومؤخراً .. أحمد حلمى الذى سقط فى فخ التفلسف.


فبداية حلمى كانت فى فيلم "ميدو مشاكل"، الذى شهد أولى بطولاته المطلقة، ونجح حلمى بشدة، واستمر سهمه فى الصعود فى الأفلام التالية "صايع بحر"، "زكى شان"، "جعلتنى مجرماً"، "مطب صناعى"، "ظرف طارق" و"كده رضا"، إلى أن وصل إلى القمة فى فيلم "آسف على الإزعاج"، الذى شهد تغييرا فى نوعية أفلام أحمد حلمى، حيث دمج فيه بين كوميديته الساخرة ومشاكل الواقع، فى قصة مختلفة ذات طابع إنسانى، وحملت فى طياتها فكرة فلسفية، وهو ما وصفه النقاد بأنه نضوج فى شخصية أحمد حلمى، ويبدو أن الفنان الكوميدى أعجبته هذه الخلطة فكررها فى فيلم "1000 مبروك"، وتغيير "ستايل" حلمى بعد هذه النجاحات، فظهر فى أفلامه التالية "بلبل حيران" و "عسل أسود" فى صورة الشاب "ابن الناس" عكس بدايته، التى شهدت تجسيده لشخصيات من "بسيطة" من الطبقة المتوسطة، إضافة إلى تغيير فى طريقة تمثيله، فقد بدأ يشعر الجمهور بأن حلمى يمثل "بالشوكة والسكينة" ويتعامل مع الكاميرا ببعض الاستعلاء، وهذا هو الإحساس الذى وصلنى كمشاهد من محبى حلمى.

ولم يكسر حلمى هذا الشكل "الجديد" الذى اعتاد عليه جمهوره، ليكمل المسيرة بفيلمه "إكس لارج"، وهو الفيلم الذى دق ناقوس الخطر لحلمى من خلال انتقادات بعض النقاد، وتعليقات الجمهور، لكن حلمى تجاهل هذا كله، وأكمل سلسلة أفلامه الفلسفية، وخرج من تصنيفه كممثل كوميدى، ليوضع فى تصنيف جديد كممثل فيلسوف، يحب تقديم القصص التى تحمل معانى قد تكون كبيرة على بعض مشاهديه، تخلى عن بساطته التى ظهر عليها فى بدايته، ليكمل حلمى المسيرة فى فيلمه الأخير "على جثتى"، الذى شهد، من وجهة نظرى، سقوطا مروعا لحلمى، وهذا السقوط يتضح فى حدة النقد الذى وجه له، ليس من النقاد فقط، فهذا هو المعتاد، ولكن للمرة الأولى أجد "مدمنى" أفلام أحمد حلمى ينتقدونه، فلم أصدق عينى وأنا أقرأ أراءهم على مواقع التواصل الاجتماعى، لأقرر بعدها مشاهدة الفيلم، وأخرج بنتيجة واحدة، وهى أن حلمى وقع فى فخ "التفلسف"، فهذا الفيلم مدته ساعة و40 دقيقة، ولكن فى حقيقة الأمر يمكن اختصاره فى فيلم قصير مدته "ربع ساعة"!!.

أتمنى أن أرى حلمى فى الفيلم القادم كما رأيته فى "عبود على الحدود"، و"الناظر"، حلمى البسيط التلقائى، الذى يغير جلده من فيلم لآخر.
الجريدة الرسمية