أبعاد الضربة الأمريكية لسوريا
كانت حالة التردد الأمريكى فى توجيه الضربة العسكرية لسوريا محل نكات وتندر من قبل الشعب السورى على الصحف ووسائل الإعلام، وذلك عندما أرجأت الإدارة الأمريكية هذه الضربة للتشاور مع الكونجرس .. ومن المؤكد أن الإدارة الأمريكية عندما أعلنت أنها لابد أن توجه ضرب عسكرية ضد سوريا لأنها قد استخدمت السلاح الكيماوى ضد المعارضة السورية كانت تطلق بالونات اختبار لقياس رد الفعل السورى والدولى.
ولكن ليس كما يظن البعض أنها قد اتخذت القرار لأن ذلك القرار يحتاج إلى دورات كبيرة من قبل السياسيين والمحللين ومستشارى الأمن القومى الأمريكى وموافقة الكونجرس الأمريكى على ذلك، ومن المؤكد أنه لن تكون هذه الموافقة بالأمر اليسير الهين وذلك الاختلاف وتعدد وجهات النظر فيما يمكن أن تسفر عنه هذه الضربة من ردود أفعال وكذلك مدى تأثيرها على الإدارة الأمريكية وعلى الشعب الأمريكى أو ما يعرف بالصورة الذهنية حول الشعب National type والتى تعنى تشويه هذه الصورة أو زيادة درجة العداء لهم ..
ولكن هناك أيضاً موافقة مجلس الأمن على توجيه هذه الضربة وذلك ما لم ينجح فيه الرئيس جورج بوش الابن عندما أقدم على ضرب العراق وموافقة مجلس الأمن تعد ذات درجة عالية من الأهمية، لأنها تعنى القضاء الشرعى أو ما يعرف بغطاء الشرعية الدولية التى تمثله الأمم المتحدة .. لذلك فإن إقدامه على ضرب سوريا ليس بالأمر السهل الذى يتوقعه البعض ..
لقد حاول أوباما الذى يترنح الآن ويتخبط فى سياساته وقراراته أن يزعج الشعب السورى وأن يحاول الضغط على الحكومة السورية ويثبت أمام العالم والولايات المتحدة تمارس نفوذها فى المنطقة وتلعب دورا حيويا وأنها مازالت هى الدولة القطب الوحيد المسيطر على العلاقات الدولية، وقد يكون ذلك ناجم عن شعور الإدارة الأمريكية باهتزاز الدور الأمريكى فى المنطقة ولاسيما بعد عودة العرب الروس إلى المياه الدافئة ..
ومن المؤكد أن المرحلة الانتقالية فى النظام الدولى التى انفردت فيها الولايات المتحدة قد أوشكت على الانتهاء وأننا قد نعود لفترة مشابهة لما سبق تفكك عروة الاتحاد السوفيتى أى الحرب الباردة والتى كانت فترة لتوازن العلاقات الدولية وقد أعطت درجة كبيرة من حرية الحركة للدول الصغرى فى مواجهة الدول الكبرى ولم يكن النظام الدولى الثنائى به ذلك القدر من الإذعان والخنوع كما هو عليه الحال الآن ..
كما أن انفراد الولايات المتحدة بإدارة العلاقات الدولية قد أدى إلى زيادة حدة الصراعات وأيضاً فتح الباب أمامها للتدخل بالقوات أى انفرد كما رأينا فى أفغانستان والعراق ومحاولة التدخل فى سوريا وأن فشلها فى العراق كان لابد أن يكون نقطة نظام بالنسبة لها لكى ما تراجع موقفها وتعلم أن هناك متغيرات كثيرة قد طرأت على العلاقات الدولية وأن الساحة لم تعد خالية بالنسبة لهم وقد رأينا الموقف الروسى من موقف الولايات المتحدة من ثورة 30 يونيو ومحاولة الضغط على مصر وتصريحاتها المنحازة للإخوان والتلميح بتوقيع عقوبات على مصر وانعقاد جلسة لمجلس وقتها صرح بوتين بأن أمن مصر القومى جزء من الأمن الروسى نفس الموقف مع سوريا ولكن على نحو عملى وذلك بإرسال سفينة حربية بالقرب من الشواطئ السورية.