صابر عرب.. الوزير الانتقالى
محمد صابر عرب.. الوزير الانتقالى بلا منازع، فقد كان الرجل وزيرا في حكومة عصام شرف الانتقالية، وكان وزيرا في حكومة الجنزورى الانتقالية، وكان وزيرا في حكومة هشام قنديل التي لم تنتقل بمصر أكثر من شبر، وهو الآن وزير في حكومة الدكتور الببلاوي الانتقالية.. ومن إنجازات سيادته أنه استقال عندما رشح للحصول على جائزة الدولة من أجل الحصول عليها وبعد حصوله عليها عاد من حيث لا ندري إلى الوزارة، وذلك في إطار حق الوزير الاستقالة من أجل الحصول على جائزة ثم عودته سالما غانما إلى نفس المقعد الوثير.
والدكتور صابر عرب في ملامحه الموظف التقليدى .. لم يضبط متلبسا بفكرة خلاقة أو بلحظة إبداعية.. ظل طوال حياته حريصا على تقديم أكبر إنجاز في حياته وهو أن يكون موظفا، مطيعا، غير مهتم بما يمكن أن ينقله من خانة الموظف إلى خانة المبدع أو الشخصية غير التقليدية.. ولأنه تقليدى فإنه أعاد مؤخرا كل من ذهبوا بعيدا أو ذهبت بهم الظروف بعيدا عن مناصبهم.. والشخصية التقليدية تميل أكثر إلى التعامل مع غير المبدعين، فها هو الدكتور أحمد مجاهد الذي فشل بلا منازع في كل الوظائف والمهام التي أسندت إليه طوال تاريخه الوظيفي يعود على ظهر حصان ومن نفس الباب.. باب الموظف الكبير صابر عرب.
ونفس الشىء مع الشاعر سعد عبد الرحمن، الذي وكأن شيئا لم يكن وبراءة الموظف في عينيه، لا لأنه عبقرية فذة وإنما لأن الوزير شخص تقليدي لا يحب التغيير.. يكره التغيير وإذا عرجنا إلى المهندس محمد أبو سعدة، وهو شخصية لها دور كبير في إنشاء العديد من المكتبات بربوع مصر، غير أن هذا الواقع لا يفرض على المصريين أن يتقلد سيادته عدة مناصب من بينها إدارته لمكتب الوزير وصندوق التنمية الثقافية وكأن مصر تعاني ندرة في السكان أو أنها عقمت أن تلد من يتقلد المناصب الأخرى.
وصابر عرب أو الوزير الانتقالى لم يقدم شيئا جديرا بالدراسة أو التأمل، فقد ظل طوال حياته "يمشي جنب الحيط"، كما يقال، ولذلك فإن سيادته لم ينزعج مثلا لما يحدث في بر مصر من عنف جراء اختطاف الدين وهو المناط به أن ينزعج أكثر من غيره من الوزراء وكان لزاما على فضيلته أن يهب ثائرا معلنا عن خطة ولو قصيرة المدي كنواة لمشروع ثقافى يواجه ضلال العقول أو يجابه فكرة احتكار الدين.. الوزير فضل أن يركن ظهره إلى مصطلح "الوزارة الانتقالية".. وعلى هذا المستوي أيضا لم يستطع أن يكون وزيرا انتقاليا بحق وحقيقى وفضل أن يكون وزير تشهيلات أو تسيير أعمال، فتحركاته ليست إلا للتصوير دونما أن يجهد نفسه في وضع لمسات تحسب له، وهو في هذا الأمر مغلوب على أمره فكل ميسر لما خلق له وسيادته لم يخلق لما هو أبعد مما يقدم.
تشتعل رابعة نارا وتنطفئ وتشتعل كرداسة نارا ولا تنطفئ والوزير مكانه لا يبرح المساحة التقليدية التي يسكنها مع شلة الموظفين التي تحيط به من كل صوب، فلا هو قدم رؤية ولا سمح لمن يمتلكون الرؤى بأن يتقدموا وظلت وزارة الثقافة في عهده مجرد خيمة نتقبل فيها العزاء في مشروع ثقافي لم يولد ولن يولد طالما ظل مع رفاقه قابضون على زمام الأمور يتابعون ما يحدث وكأنهم جمهور دونما يدركوا أنهم وقود المعركة الفعلية إذا ما أدركوا حقيقة دورهم الذي يجب أن يلعبوه.
الخوف ليس في المرحلة الانتقالية، وإنما فيما يمكن أن تطرحه الأيام القادمة لنستيقظ على كابوس ونري صابر عرب في الحكومة القادمة.. ساعتها لابد أن تعلموا أننا نعيد زمن الموظف والبطيخة و"المنشة"!