الجامعات وأزمة التظاهرات والانفلات الأمنى
تعيش الجامعات المصرية هذه الأيام حالة حراك سياسي غير طبيعية بين شباب جماعة الإخوان المسلمين المعترضين على عزل محمد مرسي، ويشعلون الجامعات تظاهرات ووقفات احتجاجية وبين مختلف القوى السياسية، فكل القوى تدفع بالشباب لإحداث حالة من الحراك والتظاهرات والفاعليات، وهو أمر مقبول فى ظل وطن يعيش حالة ثورية ورغبة فى التقدم نحو المستقبل بعد فترة صعبة مرت بها البلاد بعد عزل مبارك ومرسي، ولكن أن تنهار هذه الحالة السياسية وتتحول الجامعات لساحات حرب بين كلا الفريقين وتتحول التظاهرات لاشتباكات وعنف وتخريب وسقوط قتلى ودماء فنحن هنا نواجه أزمة حقيقية.
فمن الواضح أن شباب جماعة الإخوان المسلمين مستمرون فى تظاهراتهم ضاربين عرض الحائط بكل القيم والأعراف الجامعية، فقد انحرفوا عن المسار الصحيح للمؤسسات الجامعية التى تقدم علما ودراسة وخبرة ويحاولون نقل خلافاتهم السياسية داخل الحرم الجامعى، وشاهدنا حالات عنف متكررة فى بعض الجامعات مثل عين شمس والزقازيق والقاهرة وغيرها.
ولكن المؤسف والمؤلم هو تطور العنف بين شباب الجامعات وظهور الخرطوش والمولوتوف وظهور قنابل فى بعض المبانى الخاصة بإحدى الجامعات الإقليمية، وهنا لابد أن تتصدى الدولة بكل حزم لكل محاولات العنف داخل الجامعات حفاظا على قدسية العملية التعليمية وحتى لا نرى تفجيرات وسقوط ضحايا بين أبناء الشعب المصري، والأهم هو إنقاذ شباب الجامعات من الفكر المتطرف الذى جعل بعضهم يسب رؤساء جامعات وعمداء كليات وتعطيل الدراسة ببعض الكليات، وهذا هو قمة التطرف والإرهاب وغياب الوعى بقيمة وقدسية الجامعات المصرية.
السؤال الأهم، كيف تتصدى الدولة وتضبط الأمن داخل الجامعات بعد خروج وزارة الداخلية من عملية التأمين بعد حكم قضائى وأصبحت الدولة لا تملك شيئا سوى تعيين شركات أمن خاصة أو الاستعانة ببعض الشخصيات غير المدربة وغير القادرة على حماية أفراد ومؤسسات ومبانى ومعامل تقدر بالمليارات وتحولت الجامعات لمبان مباحة للجميع، فلا توجد حراسة وتأمين حقيقي ولا أجهزة متطورة لكشف المفرقعات والأسلحة وغاب الفكر الأمنى المتطور، ما أدى لظهور حالات عنف وظهور أسلحة بيضاء وخرطوش وقنابل وغيرها ببعض الجامعات بعد ثورات مصر المتتالية من 2011 وحتى الآن .
لست من المنادين بعودة وزارة الداخلية لتأمين الجامعات كما كان يحدث فى السابق، لأننا واجهنا تغول رهيب فى الماضى من بعض أجهزة الداخلية داخل الجامعات وصلت للتدخل فى تعيين رؤساء الجامعات والعمداء وصولا للمعيدين ولا مع الأصوات التى تنادى بتدخل الجيش لضبط الأمن داخل الحرم الجامعى، وأعتقد الجيش لن يتدخل فهو لديه مهام كثيرة ومتعددة والجيش لن يصمت إذا تدهورت الأمور ولكن كيف نحمى مؤسساتنا التعليمية من العنف حتى لا تتحول لساحات حرب بين المؤيدين والمعارضين .
التأمين الحقيقي للجامعات لن يكون سوى بعملية تثقيف حقيقية للشباب داخل الجامعات، وعبر ندوات مكثفة عن أهمية الحفاظ على المؤسسات التعليمية لنخلق معى حالة مجتمعية تحافظ على مؤسسات الدولة، وفى نفس الوقت يتم التعاون بين الجامعات ووزارة الداخلية والقوات المسلحة فى تدريب موظفى وأفراد الأمن بالجامعات على كيفية تأمين الأفراد والمنشآت وصياغة خطط أمنية حقيقية تحافظ على منظومة العمل داخل الجامعات، فنحن فى حاجة لثقافة مجتمعية مع خبرة أمنية وكل ذلك يحتاج من الجميع داخل وخارج الجامعات العمل لنشر قيم المحبة والتسامح ونبذ العنف والحفاظ على ممتلكات ومؤسسات الدولة، فهى ملك للمصريين جميعا.
dreemstars@gmail.com