رئيس التحرير
عصام كامل

"عبد الناصر" و" السيسي" و " حمدين"


المشهد فى كامله مختلف ، والتهليل والترحيب كان ايضا مختلفا ، ولم يفصح الرجل او يبدى موافقة على مقارنة صورته ووضعها بجوار صورة الزعيم الراحل عبد الناصر فى ذكراه ، فالمصريون وحدهم فقط يخلقون الكاريزما ويصنعون منها مادة خصبة كى يحتل الشخص مكانه فى القلوب والعقول رغما عنه ، اقترب منهم فأحبوه ، خاطبهم من القلب ، فأهدوه كل عناقيد السعادة ، ولم يكن يتوقع الفريق السيسي هذا المشهد فى أى مكان ، ولكن لضريح عبد الناصر وذكراه ، صورة اخرى لاتزال حاضرة لدى اجيال متعاقبة .


واذا كان المشهد مختلفا ، ان يأتى وزير دفاع مصرى ، ليسير على خطى عبد الناصر ويحيى ذكراه بنفسه ، ليضع اكليل الزهور على قبره ، فقد تكون هناك رسالة ضمنية ، اراد السيسي ربما ان يؤكدها ويعمقها فى ان الرجل يسير على نهج عبد الناصر ، وان الشوكة التى طالما اشتكى منها الغرب فى عهد عبد الناصر، قد تطل من جديد ، فى حقبة وزمن وشكل مختلف ، فالمصريون وحدهم يصنعون الكاريزما ، حتى ولم يكن السيسي راغبا فى اى مطمع رئاسي .

وخارج صورة السيسي ، يأتى مشهد آخر ، قد يزاحم الرجل ، قدوم حمدين صباحى ليحيى ذكرى عبد الناصر ، وهو مشهد اعتاد عليه صباحى منذ سنوات ، وكان يرافقه احد افراد العائلة ، لكن المشهد لكل من رآه كان مختلفا ، فأسرة عبد الناصر جميعها ومن اجيال مختلفة ، احتشدت كى تلتقط صورة تذكارية مع السيسي ، فى وقت كان صباحى يلهث كى تلتف الاسرة كلها حولها ، ولم يحدث ، حتى ان اسرتي عبد الناصر والسادات حينما اعلنوا تسمية مرشح رئاسي فى الانتخابات الماضية ، اعلنوا تأييدهم للفريق شفيق بمنتهى الوضوح والصراحة ، وبالتالى فإن الاقتراب بين صباحى واسرة الرئيس الراحل عبد الناصر اقتصرت فقط فى علاقة بينه وبين المهندس عبد الحكيم عبد الناصر أصغر ابناء الرئيس .

ولأن للكاريزما جوهرا مختلفا ، ومعنى آخر ، فقد خفتت الأضواء عن حمدين صباحى لأول مرة حين ذهب يلقى الورود على قبر عبد الناصر ، فقد سبقه السيسي الى " التجربة الناصرية " ، حتى ولو يدرك هو ذلك ، فلأول مرة أرى الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل ينتظر امام الضريح قدوم السيسي بسيارته ، ويصافحه بحرارة ، فى حين كان صباحى هو من " يجرى " خلف هيكل ، فقط كى تلتقط صورة مع هيكل ، هذا هو المشهد المختلف باختصار ، وفارق كبير بين من يقنع نفسه ويقنع الآخرين بأنه زعيم ، وآخر رفعت الجماهير صوته بعد خطابين فقط.
الجريدة الرسمية