رئيس التحرير
عصام كامل

ركوع «أوباما» أمام «روحاني».. أمريكا تسعى لتأديب دول الخليج بالامتناع عن دعمها لمصر عبر إيران.. البحث عن بديل ديني متشعب بعد فشل مشروع الإخوان.. والاعتماد على الملاللي لتبرير «

الرئيس الأمريكى باراك
الرئيس الأمريكى باراك أوباما

الاتصال الهاتفى الذي أجراه الرئيس الأمريكى باراك أوباما، بنظيره الإيرانى حسن روحانى، فجر مفاجأة من العيار السياسي الثقيل، خاصة وأنه تم بناء على طلب من البيت الأبيض ولم تسع إليه طهران.. وجاء هذا الاتصال بعد قطيعة طويلة بين البلدين اقتربت من 34 عاما.. ومن خلال هذا التحليل يفك "فيتو" طلاسم معادلة التقارب بين الطرفين.


تأديب الخليج

توقيت الاتصال الذي تزامن مع الأزمة السياسية التي شهدتها مصر عقب عزل الرئيس محمد مرسي، وتصدي دول الخليج العربي وخاصة السعودية والإمارات للضغوط التي مارستها إدراة أوباما على النظام المصري الجديد، يكشف قناعة الإدارة الأمريكية حول المخاطر التي تهدد دول الخليج بسبب الحالة العدائية التي تناصبها طهران لها والعمل على زعزعة استقرار العواصم الخليجية من خلال الخلايا الشيعية النائمة بها، وطبقا لهذه المعطيات فإن الاتصال يحمل رسالة تحذيرية مبطنة لملوك وأمراء الخليج حول الحليف الشيعى الجديد، في ضربة عقابية للخليج العربي على موقفه الداعم لثورة 30 يونيو.

الإدارة الأمريكية في رسالتها المشفرة ضد الخليج، أرادت إبلاغ الإمارات بنسيان جزرها الثلاث المحتلة من قبل إيران، وهدفت إلى تفزيع السعودية من تحريك شيعة المنطقة الشرقية بشكل أوسع نطاقا بهدف ممارسة ضغوط هائلة على النظام السعودي من خلال المجتمع الدولى والمنظمات الحقوقية التي تجد في هذا الملف ذريعة قوية للتدخل في الشأن الداخلى للمملكة.

والحال به أوجه شبه كبير مع البحرين التي تشهد بالفعل حراكا شيعيا هائلا يصدر غالبا بتعليمات من طهران بمصاحبة لهجة مستفزة حول مملكة البحرين بزعم أنه المحافظة الـ 14 الإيرانية، وهلال التوتر الشيعى ممتد إلى الكويت، خاصة بعد صعود نجم الشيعة بها سياسيا ونجاح كتلتهم في الحصول على تمثيل مشرف في البرلمان.

بديل لمشروع الإخوان

من جهة ثانية، بات واضحا وبقوة لدوائر صنع القرار في العالم الأزمة السياسية التي أصابت الديمقراطيين في أمريكا، عقب فشل مشروع أوباما في دعم الإسلام السياسي في المنطقة من خلال جماعة الإخوان، التي فشلت فشلا ذريعا في حكم مصر وأجهضت حلم أبناء العم سام في تصدير المشروع لباقى دول المنطقة، كبداية لتنفيذ مخطط الشرق الأوسط الكبير وإسقاط جميع الأنظمة في الشرق الأوسط والزج بشعوبها في قتال فيدرالى ينهى أسطورة النفط العربي، ويمكن واشنطن من مفاصل الدول العربية.

وفى هذا السياق تعد إيران البديل الأمثل لاستكمال الخريطة السياسية التي رسمتها أمريكا للمنطقة واعتمدت في تنفيذها على جماعة أثبت فشلها داخليا، وعجزت عن خلق نقطة انطلاق في القاهرة لتدمير المنطقة، ونظرا لما تملكه إيران من أذرع سياسية منتشرة بدول الشرق تشبه لحد كبير جماعة الإخوان، وهو الأمر الذي يسهل تنفيذ المخطط الذي يريد أوباما، إثبات صحته قبل مغادرته للبيت الأبيض حفاظا على نجاح الديمقراطيين وأملا في دخول المكتب البيضاوي رجل من قبيلته السياسية-الديمقراطيين.

إقامة الدولة اليهودية

بخلاف المصالح الأمريكية بالمنطقة، لابد من الاعتراف بأن جميع المخططات ترسم لخدمة إسرائيل العدو التاريخى للعرب، وفكرة تحجيم حركة حماس وجلوسها على طاولة الحوار مع الصهاينة كانت المبرر الأقوي للبيت الأبيض في الدفاع المستميت عن جماعة الإخوان، الذي نفذ لهم الجزء الأكبر من المشروع خلال عام حكم المعزول وأجلست قيادات حماس مع الإدارة الإسرائيلية ونجحت في إبرام اتفاق تهدئة بين الجانبيين يمتد لإعوام..

قناعة واشنطن بأن طهران ستكون قبلة حماس عقب سقوط الإخوان، يخلق المبرر لدي أوباما للاعتماد على العصا الإيرانية في ترويض حماس وقبولها بما تمليه واشنطن وتل أبيب.

وبعيدا عن المقاومة وترويض حماس، يبقى حلم الدول اليهودية التي رفضها الحكام العرب بما فيهم الرئيس المصري السابق حسنى مبارك خوفا من انتنشار الآفة في المنطقة، وتبنى التنظيمات الإسلامية المسلحة فكرة إقامة الدول والإمارات الإسلامية ردا على إعلان يهودية إسرائيل، وتصعيد إخوان مصر إلى الحكم والزج بمدنية الدولة في أتون دولة "المرشد" هدف من البداية إلى التأهيل لإعلان يهودية الدولة الإسرائيلية وهو الأمر الذي ظل أوباما يردده في المحافل والمؤتمرات الدولية له.

وبسقوط فكرة دولة المرشد في مصر كان الخيار الأمثل للاستمرار على نفس النهج في الترويج للدولة الدينية في المنطقة، ويؤكد أن تأشيرة مرور هذه الفكرة لن تأتى سوي من دولة الملاللى في طهران الذي يمثل بها المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الدولة داخليا وخارجيا والجميع حتى لو كان رئيسا إصلاحيا مثل روحانى مجرد بورتريهات سياسية تأتمر بأمر المرشد.

من خلال هذا التحليل نخلص إلى نتيجة واحدة تفسر وتكشف سر الاتصال بين أوباما وروحانى، وهو أن المنطقة رهينة مؤامرت البيت الأبيض ولقناعة واشنطن بأن الدين أفيونة الشعوب العربية، نقلت مخططها من كتلة سنية تمثلت في الإخوان، إلى كتلة شيعية تتمثل في إيران، كى تبقى المنطقة رهينة لتعليمات المرشد الأعلى الذي ينفذ السياسيات الأمريكية تحت العباءة الدينية.

وبالرغم من صدمة البعض وخاصة في العالم العربي من هذا الاتصال، يجب أن نعيد النظر إلى التاريخ للتأكيد على أن انقطاع الدبلوماسية بين طهران وواشنطن، أكذوبة يعيشها العالم العربي، إذا علمنا حقيقة العلاقات الخفية بين الجانيين واستخدام أمريكا لملف إيران النووي لترويع دول الخليج وامتصاص ثرواته بالتسليح، وذرع الفتن بين الشيعة السنة لتأجيج ملف الطائفية.

وتعد فضيحة "إيران جيت" أثناء حرب العراق شاهد عيان على التواصل قديم الأزل بين العاصمتين، وبالنظر إلى حرب العراق نجد أن المستفيد الأكبر منها إيران بعد تخلصها من عدوها التقليدي صدام، وتصعيد الشيعة هناك إلى حكم بغداد وفتح الأراضى العراقية أمام الحرس الثوري الإيرانى.
الجريدة الرسمية