رئيس التحرير
عصام كامل

ارتاح يا ريس.. حقك رجع.. وحاجات كتير هقولهالك! (1)


كنت صبيا ابن الخامسة عشر.. أتلقى دروس الإخوان في مساجدهم بمدينتي بالصعيد.. وفي زاوية عبد الشافي ومسجد البهنساوي كان درسهم المقرر.. وهو من نقطتين لا ثالث لهما إلا لزوم ما يلزم من دروس دينية أخرى تعطي الدروس بعدا دينيا .. كان الشيخ كامل صابرين أو جمال محمد علي- على ما أتذكر.. الأول للسنة والسيرة والثاني للفقه .. الدرس الثابت المقرر الدائم الذي هو من نقطتين أن تكره عبد الناصر وتبغض غير المسلمين.. الأول كافر وخائن وعلماني وماسوني وشيوعي قاد انقلابا عسكريا عام 52.. صنعه الأمريكان ولا نعرف كيف يصنع الأمريكان شيوعيا.. لكنه في زاوية أخرى ماسونيا صنعه الشيوعيون.. ولا نعرف كيف يصنع الشيوعيون ماسونيا.. وفي الحالتين لا نعرف كيف يكون ماسونيا وهو من أغلق كل المحافل الماسونية في مصر.. ولا نعرف كيف هو أمريكي وقد عاش حتى آخر لحظة في عمره يحارب أمريكا.. ولا نعرف كيف يكون انقلابا عسكريا عندما تأتي سيرته.. وهو ثورة عندما تأتي سيرتهم أو سيرة محمد نجيب - يا سبحان الله؟؟!!!!


أما غير المسلمين فهم يتآمرون علي المسلمين.. يتمنون لهم الموت حتي عند إلقاء السلام.. لا يقولون السلام عليكم.. إنما "السام عليكم" والسام هو الموت.. إنهم يريدون الانفصال عن مصر.. يخزنون السلاح في الكنائس.. يرتدي قساوستهم الزي الأسود حدادا علي مصر التي نحتلها نحن المسلمين.. إنهم عملاء أمريكا ويحتمون بها! وتمر الأيام وقتها واليوم.. ولا يرى الشعب المصري الموت إلا علي أياديهم .. ولا نري السلاح إلا في بيوتهم ومساجدهم.. ولا نري دعما من الأمريكان لفريق سياسي إلا لهم.. ولا نري مؤامرة علي الجيش واستدعاء الأجنبي إلا منهم!!!!

يأتيني عبد الناصر في المنام.. مبتسما مبتهجا ووجهه كالقمر.. وابتسام المعاتب المحب كمن يقول " كنت تحبني فلماذا ستكرهني؟ " .. إلا أنه يقولها مدوية قوية ولا ينتظر.. والحمد لله أنه قالها قبل أن ننفجر باليقظة.. قالها صريحة مؤكدة لا لبس فيها ولا غموض.. قالها والابتسامة كما هي والعتاب كما هو .. وكأنه يشعر بأن الصبي الصغير تمزقه التساؤلات والتساؤلات.. بين ما عرفه من أهله وأسرته وما تيسر من قراءة لصبي في عمره.. وبين ما يسمعه في دروس الإخوان.. قالها ويده تكاد تلمس كتفي " لا تصدقهم.. أنا برضه كده؟ كذب كذب ولا تصدقهم ".. وتنتهي الرؤيا.. وينتهي الحلم.. ولا ينتهي من خيالي أبدا.. ولا من حياتي أبدا.. وإن كان قد قلبها رأسا علي عقب.. أو للدقة.. فقد عدلها وصححها وليفتح وربما لربع قرن كامل من التكفير عن الذنب ومن التحدي والتصدي لتلك الجماعة البغيضة التي يكتشفها البعض اليوم.. واليوم فقط .. وللحديث بقية!
الجريدة الرسمية