رئيس التحرير
عصام كامل

نحو ترسيخ أسس ومبادئ "الدستور الإنسانى"


عندما نقول إن المبادرة ذات قيمة بالنسبة إلى مجتمع ما، فمعنى ذلك أن المبادرة هي أمر مهم عند أفراد هذا المجتمع، وهذا المجتمع يشجع أفراده على المبادرة التي ستحظى بكل الاحترام والتقدير.


ومما لا شك فيه أن مفهوم "المواطنة" في مصر لا يتعدى كلمة أو حوار تليفزيوني لا يثمن ولا يغني من جوع، مع العلم أن هذه الكلمة يجب أن تكون حجر الزاوية في الثقافة المصرية والدستور المصري.

أنا من البدء ضد تعديل الدستور ومع كتابة دستور جديد تراعى فيه القيم الإنسانية كما يراعى فيه الإنسان وكرامته، فالقيم الإنسانية هى التي أجمعت عليها كل الشرائع السماوية والحضارات الإنسانية، وهى التي تركز على العدل والمساواة بين أفراد المجتمع كله والرجل والمرأة والتي يقرها العقل والمنطق والفطرة السليمة والتسامح والحوار واحترام الآخرين.

لكن من الواضح حتى هذه اللحظة هو الإصرار على ترقيع الدستور الإخواني السلفي، الذي هو في الأصل دستور يرسخ للطائفية والكراهية والتمييز بين أفراد المجتمع المصري.

وأتحدث إليكم وبكل الصدق، أن مشكلة الإنسان المصري هى مشكلة المجتمعات العربية كلها التي تفتقر إلى أهم قيمة إنسانية وهى قيمة "الكرامة الإنسانية"، والتي يسعى الجميع لتحطيمها بدءا من مستوى العائلة إلى مستوى الدولة، فالإهانة مع الطفل تكون حجتها التربية، والحجر على الرأي يكون حجته الحفاظ على تقاليد المجتمع، أما الكلام عن الدين فهو الكفر بعينه، أما الحديث عن حقوق المرأة فيكون دائما هى أقل شأنا من الرجل، ويجب أن نعترف أن المجتمع المصري بداخله لا يعترف ولا يؤمن بذلك وهنا أصل المشكلة.

وفي ظل سيطرة حزب النور الواضحة، أريد من لجنة الخمسين أن تعتني بقول الله تعالى في سورة الإسراء "ولقد كرمنا بنى آدم"، فهنا هو حجر الزاوية في بناء تعديلاتهم الدستورية، فالإنسان مكرم بغض النظر عن لونه أو جنسه أو دينه أو مذهبه أو حتى أفكاره.

فاحترام الكرامة الإنسانية، وهى القيمة الأساسية التي تنبع منها كل القيم الإنسانية الأخرى، ولكن أصحاب حزب النور دائما لها بالمرصاد وكأن الإنسان عدو لهم، وللأسف هناك من يدعمهم على حساب الكرامة الإنسانية، وأسألهم سؤالا واحدا لماذا ضعفت قيمة الكرامة الإنسانية يا أصحاب الدين مع العلم أنكم تدعون أنكم أصحاب دين يقول إنه جاء في الأصل ليكرم الإنسان؟

ولأتحدث معكم وبكل الصدق أنه لن يحدث أي إصلاح في المجتمع المصري ما لم يحدث إصلاح ديني وإصلاح سياسي يحميه دستور إنساني يرفع من قيمة الإنسان المصري وشأنه.

فالإصلاح الديني: يعيد الدين لوظيفته الأساسية في تكريم الإنسان والارتقاء به ويفرق بين المقدس الذي هو من عند الله وغير المقدس الذي هو من عند الإنسان، ويعيد للعقل الذي هو عنوان إنسانية الإنسان دوره الأساسي في فهم الوحي وفي إسقاطه على الواقع.

أما الإصلاح السياسي: يجب أن يعيد تعريف السياسة بوصفها علم وفن إدارة الشأن العام بما يكفل تكريم الإنسان والارتقاء به والرفع من شأنه، فالمشكلة الأساسية بدأت منذ اللحظة التاريخية التي أصبح فيه الدين يستخدم من أجل السلطة وأصبح السلطان يسحق الإنسان باسم الدين.

ولا يمكنني أن أتصور عودة القيم الإنسانية كأساس للتعامل بين أبناء الوطن تحت مظلة المواطنة مع حمايتها بدستور إنساني واضح البنود دون إصلاح ديني وسياسي يساهم بوضوح في الارتقاء بواقع الإنسان وواقع المرأة.. ارتقوا بالإنسان ترتقوا بمصر.
الجريدة الرسمية